وينظر أبو حذيفة فإذا وجه صاحبه قد اربد وظهر فيه غضب لم يألفه منه قط. قال أبو حذيفة: ويحك أبا عمرو! إنك لتعرف ما بينك وبيني من الود، وإنك لي لخليل وفي أمين، فأظهرني على ذات نفسك.
قال عثمان في صوت وادع لين: فإن شئت أن تستبقي ما بيننا من الود فلا تذكر اللات والعزى وهذه الآلهة التي لا تغني عنكم شيئا.
هنالك وجم
205
أبو حذيفة وجمة قصيرة، ثم قال: ويحك أبا عمرو! فإنك إذن قد صبأت؟
قال عثمان في صوت أشد دعة وأعظم لينا: لم أصبؤ أبا حذيفة، وإنما اهتديت؛ إنك فتى حازم رشيد لم تتقدم بك السن بعد، ولكن رأيت الدنيا وطوفت في أقطار الأرض وبلوت أخبار الناس وجربت الأحداث والخطوب، أفترى من الرشد أن يؤمن مثلك ومثلي لأنصاب
206
من خشب وصخر صورها الناس بأيديهم، ويستطيع من شاء منهم أن يجعلها جذاذا؟
207
قال أبو حذيفة: ما أراك أبا عمرو إلا رشيدا، ولكني لم أفكر في هذه الأشياء قط، وإنما وجدت قومنا يعبدون هذه الأنصاب فصنعت صنيعهم.
صفحه نامشخص