Virtues of the Companions - Muhammad Hasan Abd al-Ghaffar
فضائل الصحابة - محمد حسن عبد الغفار
ژانرها
شدة عمر في الحق
إن أبا بكر عمل ذلك؛ لأنه يعلم أن عمر رجل مبشر بالجنة، وذلك أن النبي ﷺ جعل على الباب أبا هريرة يومًا فقال له الرسول ﷺ: (من لقيت فبشره أنه من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة) فجاء عمر ﵁ وأرضاه ففرح أبو هريرة وقال: أدخل على أخي السرور، فقال ذلك لـ عمر، فكانت المكافأة عظيمة فضربه عمر فخر على استه، فذهب مسرعًا إلى رسول الله يرتجف، قال له رسول الله: (ما بك؟ قال: قلت لـ عمر ما قلت فضربني، فدخل عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، لا تقل ذلك للناس فيتكلوا) فأخذ بقول عمر ﵁ وأرضاه، فكان شديدًا في الحق، ولذلك كان علي بن أبي طالب أسد السنة الذي حافظ عن هذه السنة عندما قتل عمرو بن ود، كان أشد قريش قتالًا، وذلك أنه (وقف في غزوة الخندق ثم نزل عن فرسه، ورسول الله خلف الخندق، فقال عمرو بن ود: يا أيها الناس! يا هؤلاء! تزعمون أن عند ربكم جنة؟ فنظروا إليه فقال: أما يريد أحد منكم أن ينظر إلى هذه الجنة ويذهب إليها؟ فما برز له أحد، فقال: أما تشهدون بما أخبركم به الله ورسوله أن لكم جنة؟ أما منكم أحد يريد أن يبارز؟ فما خرج له أحد.
فقام علي بن أبي طالب فأخذ النبي ﷺ بيده وقال له: اجلس.
فقال عمرو بن ود: أين أنتم؟ أما تريدون الجنة؟ ألا أحد يبارز؟ فقام علي مرة ثانية، فقال النبي ﷺ: اجلس، فقام الثالثة فقال: يا رسول الله، إن كان هو عمرو بن ود فأنا علي بن أبي طالب، فخرج إليه ثم نظر إليه فقال: من أنت؟ قال: علي بن أبي طالب.
قال: أخ كريم ابن أخ كريم، لكن يا بني إن أباك كان صاحبًا لي، وإني أخشى أن أقتل ابن أخي.
فقال علي: وإني والله أشتهي أن أقتلك، فنزل الرجل من جواده ونزل إليه، فلما نزل إليه قتله علي بن أبي طالب حيلة، وذلك أن عليًا أول ما نظر إليه قال: ما جئت لأقاتل اثنين، فنظر عمرو بن ود خلفه، فأطاح به علي بن أبي طالب ﵁ وأرضاه).
ويقال: إن الغبار جاء فغطى الاثنين فقتل علي عمرو بن ود وهذه القصة تراجع أسانيدها، فإن العلماء قد يتساهلون في الأسانيد في كتب التراجم، وذكروا أن النبي ﷺ قبض على قلبه فقال: (اللهم ثبت لي عليًا، اللهم إنك قبضت حمزة فأبق لي عليًا).
وهذه أيضًا يراجع إسنادها.
وعلي بن أبي طالب ﵁ وأرضاه مع شجاعته يقص علينا فعله مع عمر: قال: كنا نسير وعمر أمامنا وكلنا خلفه، فإذا وقف ونظر خلفه سقطت قلوبنا في أرجلنا! وعندما ضج الناس عند استخلاف أبي بكر لـ عمر قالوا: يا أبا بكر، تستخلف علينا وتؤمر علينا هذا الشديد؟ قال: أستخلف عليكم رجلًا إن سألني ربي عنه قلت: هو أعلمهم وأفقههم وأتقاهم وأورعهم.
فـ أبو بكر يعلم هذه المميزات لـ عمر بن الخطاب ﵁ وأرضاه، وكانت خير خاتمة لـ أبي بكر الصديق ﵁ وأرضاه أنه ختم حياته باستخلافه لـ عمر ﵁ وأرضاه.
قال ابن مسعود: أفرس الناس أي: أشد الناس تفرسًا ثلاثة: عزيز مصر، وامرأة فرعون، وأبو بكر الصديق، قالوا: لم يا ابن مسعود؟ قال: سأجيبكم، إن امرأة فرعون تفرست في موسى وقالت: ﴿قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ﴾ [القصص:٩] فنجاها الله بحبها لموسى طفلًا رضيعًا، وتفرس عزيز مصر فنظر ليوسف ﵇ فقال عنه: ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا﴾ [يوسف:٢١] وقد كان كذلك وأصبح يوسف ﵇ عزيز مصر، وأبو بكر الصديق تفرس في عمر، فأصبح عمر سيدًا على الدنيا بأسرها، وفتح الله على يديه الأمصار، وفتح ربوع الدنيا مشارقها ومغاربها كان على يد عمر، وكل ذلك من حسنات أبي بكر جمعنا الله مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى رأسهم رسول الله ﷺ في الفردوس الأعلى.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
3 / 10