اساسهای فرهنگی ملل: سلسلهمراتب، پیمان و جمهور
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
ژانرها
34
على الرغم من قمع القيادة البيوريتانية في تسعينيات القرن السادس عشر، فقد واصلت البيوريتانية النمو طوال عهد جيمس الأول، وشجعت على ذلك المشاعر المناهضة للإسبان والكاثوليكية، لا سيما بعد اكتشاف مؤامرة البارود. وبحلول ثلاثينيات القرن السابع عشر بدأ عدد متزايد من المثقفين يربطون بين الشعور القومي الإنجليزي والاعتقاد البروتستانتي القوي، والسبب في ذلك يعود جزئيا إلى محاولات حكومة تشارلز الأول لفرض السياسات «الأرمنيوسية» لصاحبها عالم اللاهوت جاكوب أرمينيوس، التي رأوا أنها بمنزلة حصان طروادة «مستعد لفتح البوابات أمام طغيان الكاثوليكية الرومانية والملكية الإسبانية.» وأصبح هذا الاتجاه في مزج الدين بالشعور القومي الإنجليزي شائعا في برلمان عام 1642؛ ومن ثم أصبحت «الحرب الأهلية مهدا للهوية القومية» كما قال أنتوني فليتشر.
35
ما نوع الأمة التي سعى إليها البيوريتانيون الأتقياء؟ كانت أمتهم أمة كومنولث؛ فبعد عام 1649 رفضوا أي مفهوم للهرمية. إلا أنها كانت جمهورية أشبه إلى العهد القديم منها إلى النماذج الكلاسيكية، وكانت قائمة على قوة جيش تقي مناضل ومنتصر، يسير إلى المعركة مرددا المزامير. كان الكتاب المقدس الذي حملته جيوش كرومويل يتكون من مجموعة من تلك المزامير المقتبسة التي تتناول في معظمها الحرب وروح الجندية، وكما هو متوقع فإن الغالبية العظمى من المقتطفات مأخوذة من العهد القديم، لا سيما من سفر التثنية وسفر المزامير وسفر أخبار الأيام الأول وسفر أخبار الأيام الثاني. خاض جيش النموذج الجديد بقيادة كرومويل معارك الرب في سبيل قضية مزدوجة تتمثل في إنجلترا الرب ورب إنجلترا، من أجل تحقيق سيادة وسيطرة الكومنولث الإنجليزي البيوريتاني. وقد حث كرومويل البرلمان عام 1653 قائلا: «حقا، الرب يطالبكم مثلما طالب يهوذا أن تحكموا معه، ومن أجله.» لم يفرق كرومويل بين مصالح المسيحيين ومصالح الأمة؛ فهما يمثلان «أكبر اهتمامين للرب في هذا العالم.»
36
كذلك كانت وجهة نظر جون ميلتون، على الرغم من عالميتها، مشبعة تماما بالشعور القومي والصور المجازية والمثل الواردة في العهد القديم، لا سيما تلك المتعلقة بالشعب المختار. في إحدى الفقرات المشهورة، يتناول قرب إنجلترا من الرب فيقول:
فكر في ماهية الأمة التي تنتمي إليها، والتي ينتمي إليها الحكام؛ فالأمة ليست بطيئة وخاملة، بل هي ذات روح سريعة ومبتكرة وثاقبة، هذه الأمة مختارة على غيرها ... (عندما) يقرر الرب بدء فترة جديدة وعظيمة ... فما الذي يفعله إذا سوى أنه يكشف عن نفسه ... كطريقته، لشعبه الإنجليزي أولا؟
37
بطبيعة الحال، كانت رؤية ميلتون البروتستانتية أوروبية أيضا؛ فقد رأى إنجلترا تقود الإصلاح وحركة الحرية المدنية بصفتها أمة «مختارة»، «أمة من الأنبياء والحكماء والفاضلين»، ويعود إلى واقعة في سفر الأعداد عندما وبخ موسى يشوع حين رغب في منع ألداد وميداد من التنبؤ في محلة بني إسرائيل في التيه، وصاح بلغة شبه تنبئية، فقال:
في الوقت الحالي يبدو أن الوقت قد حان ليجلس النبي العظيم موسى في الجنة مبتهجا لرؤية تحقق أمنيته الجديرة بالذكر والمجيدة؛ حيث لم يصبح السبعون شيخا فقط أنبياء، بل أصبح كل شعب الرب أنبياء.
صفحه نامشخص