وحينئذ فإن كانت الحالة السابقة في الفرد المشكوك هو الاتصاف بعنوان الخاص ، كأن يكون الحالة السابقة في الفرد المشكوك الفسق من العلماء هو الفسق فلا كلام ، وأما إن لم يعلم حالته السابقة أو لم يكن له كما في المرأة التي يشك في كونها قرشية أو تميمية مثلا، فإن المرأة إما أن تكون وجدت قرشية أو وجدت تميمية ، فليس لهذا الشك حالة سابقة ، فهل يكفي استصحاب عدم عروض عنوان الخاص على هذا الفرد المشكوك في الأزل ، فيكفي في المرأة المذكورة استصحاب عدم تحقق الانتساب بينهما وبين القريش الثابت قبل وجود المرأة قطعا ؛ فإن المرأة القرشية أيضا لا يتحقق قبل وجودها الانتساب بينها وبين قريش، فإن النسبة تحتاج إلى طرفين فيصدق انتفائها بانتفاء أحد الطرفين.
وبعبارة اخرى وإن كان لسلب القرشية على نحو السالبة بانتفاء المحمول بأن يقال : هذه المرأة لم تكن قرشية حالة سابقة ، لأنها إما وجدت قرشية أو غيرها إلا أن لسلبها عنها على نحو السالبة بانتفاء الموضوع بأن يقال : ليست المرأة قرشية حالة سابقة ، فالسلب على النحو الأول وإن لم يجر فيه الاستصحاب لكن الثاني يجري فيه ، فهل يكفي هذا الاستصحاب أولا؟.
الكلام في ذلك مبني على أن هاتين السالبتين مرجعهما إلى حقيقة واحدة وليس بينهما تباين بحسب الحقيقة ، أو أنهما حقيقتان من السلب مختلفتين؟ فذهب صاحب الكفاية إلى الأول ، فلذا حكم فيها في المقام بأنه قلما لم يجر الأصل الموضوعي الذي ينقح به كون الفرد المشتبه داخلا تحت العام ؛ إذ مورد عدم جريانه على هذا ينحصر في مورد اتصاف الفرد في السابق بوجود العنوان الخاص ، ولكن الحق هو الثاني وبيانه أن الأول سلب للحكم ورفع له عن موضوع مفروض الوجود إما محققا وإما مقدرا ، كما أن القضية الموجبة إثبات للحكم ووضع له في موضوع كذلك ، فكما أن معنى زيد قائم أن الزيد المفروغ عن وجوده ثبت له القيام ، فكذا زيد ليس بقائم معناه أن الزيد المفروض الوجود ليس له القيام ، أو أن الزيد لو كان موجودا يكون له القيام ، أو على تقدير الوجود ليس له القيام ، وهذا بخلاف النحو الثاني ؛ فإنه سلب
صفحه ۲۹۳