183

نفسك أن تقول : لا يمكن للمولى أن يأمره بخياطة الثوب في ذلك المكان لأن أنحاء التصرفات والأكوان المتحققة في ذلك المكان مبغوض للمولى ومنها الخياطة فلا يمكن أن يتعلق إرادته بما يبغضه؟ وهل ترضى أن تقول : إن المولى بعد عدم وصوله إلى الغرض الذي كان له في ترك الكون في ذلك المكان يرفع يده من الغرض الآخر من دون وجود مزاحم أصلا؟ وهل يرضى أحد أن يقول : إن في المثال لمذكور يكون أنحاء التصرفات في نظر المولى على حد سواء؟ وبالجملة : أظن أن هذا بمكان من الوضوح بحيث لا ينبغي أن يشتبه على أحد وإن صدر خلافه عن بعض أساتيد العصر قدسسره فلا تغفل.

والحاصل أن جهة النهي إنما تزاحم جهة الأمر إذا أمكن المكلف بعث المكلف إلى ترك الفعل ، وأما إذا لم يمكنه ذلك لكون الفعل صادرا قهرا عن غير اختيار المكلف فلو وجدت فيه جهة الأمر ولم يأمر به لزم رفع اليد عن مطلوبه وغرضه من دون جهة ومزاحم. هذا إذا اخترنا أول شقي الترديد وهو كون الخروج مقدمة لترك الغصب الزائد.

وأما على ثانيهما فعدم كون الخروج موردا للحكم الشرعي واضح ؛ لعدم كونه مقدمة للواجب حتى يصير واجبا كما هو المفروض وعدم قدرة المكلف على ترك الغصب بمقدار الخروج حتى يصير حراما.

ولكن لو طبق تلك الحركة الخروجية مع عبادة كما أن يصلى في تلك الحالة نافلة بحيث لا يستلزم عصيانا زائدا على مقدار المضطر إليه أو يصلي المكتوبة كذلك في ضيق الوقت كانت تلك العبادة صحيحة ؛ لما ذكرنا من الوجه وهو عدم قابلية الجهة الغير المؤثرة في نفس المريد للمزاحمة مع الجهة المؤثرة.

«فصل»

في جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه ، وقبل الخوض ينبغي رسم امور :

الأول : أن محل النزاع ما إذا اجتمع طبيعتان إحداهما مأمور بها والاخرى

صفحه ۱۸۶