والحاصل أن الموجود بهذا الاعتبار ليس إلا الكل ، والأجزاء بوجوداتها الخاصة لا وجود لها ، فمتعلق الأمر النفسي لا يعقل إلا أن يكون الكل الموجود في ذهن الآمر مستقلا ، والأجزاء لعدم وجودها في الذهن بهذا اللحاظ لا يمكن أن تكون متعلقة للأمر ، نعم يمكن استناد الأمر إليها بالعرض ، نظير استناد الأمر المتعلق بالمقيد إلى ذات المطلق أعني الطبيعة المهملة.
وهذا هو المراد من كلام شيخنا المرتضى قدسسره الشريف في التقريرات أن الجزء إذا لوحظلا بشرط فهو عين الكل ، وإذا لوحظ بشرط لا فهو غيره ومقدمة لوجوده ، والمراد من قوله قدسسره : لا بشرط ، عدم اشتراط أن يكون في ذهن الآمر معه شيء أم لا وهو الصالح لأن يتحد مع الكل ، ومن قوله : بشرط لا ، عدم ملاحظة الآمر معه شيئا أعني ملاحظته مستقلا ، ولا إشكال في أن الجزء بهذا اللحاظ لا يصلح أن يتحد مع الكل ويحمل عليه ؛ إذ لا يصدق على الحمد ولا على غيره من أجزاء الصلاة أنه صلاة.
ولنا على الثانية أن الآمر إذا لاحظ الجزء بوجوده الاستقلالي أي غير ملحوظ معه شيء يرى أنه مما يحتاج إليه تلك الهيئة الملتئمة من اجتماع الأجزاء ، فحاله حال سائر المقدمات الخارجية من دون تفاوت أصلا ، هذه خلاصة الكلام في المقام وعليك بالتأمل التام.
الأمر السادس
في ذكر حجج القائلين بوجوب المقدمة.
أقول : ما تمسك به في هذا المقام وجوه اسدها وامتنها ما احتج به شيخنا المرتضى قدسسره من شهادة الوجدان ؛ فإن من راجع وجدانه وأنصف من نفسه يقطع بثبوت الملازمة بين الطلب المتعلق بالفعل والمتعلق بمقدماته ، لا نقول بتعلق الطلب الفعلي بها كيف والبداهة قاضية بعدمه ، لجواز غفلة الطالب عن المقدمة ؛ إذ ليس النزاع منحصرا في الطلب الصادر من الشارع حتى لا يتصور في حقه ذلك ، بل
صفحه ۱۵۶