الْكتاب لُغَة اسْم الْمَكْتُوب غلب فِي عرف الشَّرْع على الْقُرْآن كَمَا غلب فِي عرف الْعَرَبيَّة على كتاب سِيبَوَيْهٍ فَهُوَ علم بالغلبة للمجموع الشخصي الْمُؤلف من سُورَة الْفَاتِحَة إِلَى سُورَة النَّاس إِلَّا أَنه لَا يخفى أَنه لَا بحث للأصولي عَنهُ من هَذِه الْجِهَة بل بَحثه عَنهُ من حَيْثُ إِنَّه دَلِيل على الحكم وَذَلِكَ إِفْرَاد آيَاته بل جمله الصَّادِق عَلَيْهَا بعض آيَة فَالْمُرَاد مِنْهُ عِنْد الأصولي الْمَفْهُوم الْكُلِّي الصَّادِق على الْمَجْمُوع وعَلى أَي بعض مِنْهُ وتعريف النَّاظِم هُنَا صَادِق على هَذَا الْمَعْنى كَمَا أَنه صَادِق على الْمَعْنى العلمي
وَقَوله وَهُوَ الْمنزل أَي الْكَلَام الْمنزل فَالْكَلَام جنس الرَّسْم وَقَوله الْمنزل فصل يخرج مَا لم ينزل من اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَقَوله على الَّذِي أَوْصَافه لَا تجْهَل فصل يخرج مَا أنزل على غير مُحَمَّد ﷺ من الْكتب السماوية وَقَوله لإعجاز الْبشر قيد تخرج بِهِ الْأَحَادِيث القدسية وَغَيرهَا من الْوَحْي وَقَوله الْبشر لَيْسَ لإِخْرَاج غَيرهم كالجن مثلا بل لِأَن الْخطاب ظَاهر فِي أَن طلب التحدي وَقع لَهُم غَالِبا وَإِن وَقع للْجَمِيع أَيْضا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿قل لَئِن اجْتمعت الْإِنْس وَالْجِنّ على أَن يَأْتُوا بِمثل هَذَا الْقُرْآن لَا يأْتونَ بِمثلِهِ﴾ وَقَوله بِسُورَة من تَمام الْفَصْل الثَّالِث بتحقيق المُرَاد من التَّعْرِيف ولبيان الْقدر الَّذِي يكون بِهِ الإعجاز فَإِنَّهُ لَو أطلق لتوهم أَن الإعجاز بكله وَمرَاده بقوله بِسُورَة أَي بِقدر سُورَة من كَلَامهم لَا أَنَّهَا نَفسهَا فَإِنَّهُ لَا يعجز عَن الْإِتْيَان بهَا ووضوح المُرَاد كفى عَن بَيَانه كَمَا أَن وضوحه فِي قَوْله مِنْهُ أَي من مثله لَا مِنْهُ كفى وضوحه عَن بَيَانه وَقد اتّفقت كلمة الْأُصُولِيِّينَ على هَذَا الرَّسْم وَقد أَفَادَ تميز الْقُرْآن عَن غَيره وَهُوَ المُرَاد من الرسوم
وَقد أوردت عَلَيْهِ أسئلة وأجوبة اشْتَمَل عَلَيْهَا الفواصل لَا حَاجَة إِلَى التَّطْوِيل بهَا وَمِمَّا أورد وَلم يذكرهُ فِيهَا أَن تَعْلِيل الْإِنْزَال بالإعجاز لم يثبت فِي كتاب وَلَا سنة وَأَنه وَإِن وَقع التَّعْجِيز بِمثلِهِ فَلذَلِك آيَة من آيَاته لَا عِلّة لتنزيله
1 / 63