أَي إذعان نفس المجوز بِوُقُوع أحد الْأَمريْنِ بِعَيْنِه دون الآخر سَوَاء كَانَ الْحَال كَذَلِك فِي الْوَاقِع أَو لَا وَالْمرَاد بالأمرين طرفا الْمُمكن كوجود زيد وَعَدَمه إِذْ كل من الْوَاجِب والممتنع لَا يتَصَوَّر فِيهِ التجويز الْمَذْكُور ... وَالوهم مَرْجُوح فَخذه وَاضحا ...
الْوَهم تَجْوِيز مَرْجُوح فَهُوَ الطّرف الْمُقَابل للظن الَّذِي أذعنت النَّفس لتجويز وُقُوعه وَفِي قَوْله فَخذه وَاضحا لطف لَا يخفى ... والاستوا شكّ والاعتقاد ...
أَي اسْتِوَاء طرفِي الْمُمكن وَالْمرَاد إذعان النَّفس بِإِمْكَان وُقُوع كل من الْأَمريْنِ بَدَلا عَن الآخر لَا مزية لأَحَدهمَا عَن الآخر تَقْتَضِي رُجْحَان وُقُوعه دون الآخر عِنْد المجوز هُوَ الشَّك وَقد يُطلق لُغَة على الظَّن وَقَوله والاعتقاد مُبْتَدأ خَبره قَوْله ... جزمك بالشَّيْء كَمَا أفادوا ...
فَخرج من قَوْله جزمك الظَّن وَالوهم إِذْ لَا جزم فيهمَا وَهُوَ مَبْنِيّ على أَن الِاعْتِقَاد قسم ثَالِث مُقَابل للْعلم وللظن وَقد يُطلق على مَا يشملهما مَعَ غَيرهمَا فَهُوَ كَالْعلمِ بِمَعْنَاهُ الْأَعَمّ وَقد يُطلق على الْعلم بِالْمَعْنَى الْأَخَص وَقَوله ... لَا تسكن النَّفس بِهِ فَإِن غَدا ...
جملَة لَا تسكن النَّفس صفة لموصوف مَحْذُوف أَي جزمك بالشَّيْء جزما لَا تسكن النَّفس بِهِ وَجُمْلَة كَمَا أفادوا جملَة اعتراضية جِيءَ بهَا لإِصْلَاح النّظم وفيهَا إِشَارَة إِلَى أَن فِي كَلَامهم شَيْئا لِأَن أَخذ عدم سُكُون النَّفس خلاف الْمَطْلُوب إِذْ يرد عَلَيْهِ بِأَن الْجَزْم بالشَّيْء يُنَافِي عدم سُكُون النَّفس فَلَا يُمكن الْجَزْم مَعَ عدم سكونها وَقد يُجَاب بِأَن المُرَاد الْجَزْم هُنَا فِي الْجُمْلَة بِمَعْنى أَن طرفِي الْأَمر المعتقد مِمَّا يجوز فِي نفس الْأَمر أَن يكون على خلاف مَا اعْتقد وَلَا يمْتَنع حِينَئِذٍ أَن يَنْتَفِي سُكُون النَّفس أَو يكون فِي نفس الْأَمر كَمَا أعتقده وَلَكِن
1 / 59