وفي قول الله تعالى { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } (الأعراف:180). هل المراد بدعاء الله تعالى بها التلفظ بألفاظها بغير تعقل للمعنى؟ كلا!! بل الدعاء إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى لا يكون إلا بعد معرفتها، ومعرفة معانيها معرفة صحيحة بحسب ما يمكن للإنسان أن يعرف منها.
والخشية لله جل جلاله، لا تتحقق كذلك إلا بمعرفة الله تعالى ومعرفة قدرته علينا، وعظيم صفاته تعالى. وقد أكد الله تعالى هذا المعنى بالخصوص إذ قال { إنما يخشى الله من عباده العلماء } (فاطر:28)، فدل على أن خشية الله لا تنال إلا بالعلم.
والشهادة لله في قوله تعالى { شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط } (آل عمران:18)، لا تتحقق بغير علم. فكيف يشهد أولوا العلم بهذه الشهادة العظمى إذا لم يكن لديهم معرفة بالله؟ بل أي مقام لهم وأي شرف هو إذا شهدوا بهذه الشهادة العظيمة التي من عظمتها شهد الله لهم أنهم يقومون بها؟!
وقال تعالى { قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد } (سورة الأخلاص) فكيف يشهد العبد لله بهذه الصفات، إذا لم يكن لديه معرفة حقيقية بالله؟ بل إن كل آية ذكر فيها وصف لله تعالى لأعظم دليل على أن معرفته تعالى واجبة، ولا ينكر هذا إلا مكابر!!
وشكر الله تعالى لا يتحقق إلا بمعرفته جل جلاله. ولكي يظهر هذا لا بد من معرفة معنى الشكر تحديدا.
الشكر: هو الإقرار بنعمة المنعم مع تعظيمه.
فلكي نشكر الله تعالى علينا أن نعرف أنه هو المنعم، وعلينا أن نقر بنعمه علينا، وعلينا أن نعظمه تعالى.
والنعمة هي المنفعة الحسنة الواصلة إلى الغير إذا قصد بها وجه الإحسان(1).
ولا يمكن معرفة أنه تعالى هو المنعم على الحقيقة، إلا إذا عرفنا مجموع ما يلي:
أن النعم التي لدينا لا يمكن أن يخلقها غير إله قادر على كل شيء.
صفحه ۲۱