وقد يقول قائل إن هناك آيات قد بينت أن الموت متى نزل فلا راد له، نحو قوله تعالى { نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين } (الواقعة: 60) ، وقوله تعالى { وما كان لنفس أن تموت إلا باذن الله كتابا مؤجلا } (آل عمران: 145) وقوله تعالى { إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } (النحل: 61). فكيف نجمع بينهما.
والجواب: قد دلت الآيات السابقة على أن للإنسان تصرفا في عمره؛ ودلالة تلك الآيات صريحة جدا لا يمكن مخالفتها. أما هذه الآيات فدلالتها على أنه لا يوجد للإنسان تصرفا في عمره ضعيفة. غاية ما تدل هذه الآيات هي أن الموت متى وقع فى راد له، وأن الأجل إذا حل فالموت واقع. وإذا فسرنا هذه الآيات وفق الآيات السابق ذكرها فيمكن أن نفهم ما يلي:
إن الأجل مثل أي سنة أخرى من سنن الله مقيد بأسباب متعددة. بعض هذه الأسباب داخلة ضمن قدرات الإنسان، وبعض آخر خارج عن قدرته.
فمما هو خارج عن قدرتنا صرف الموت بشكل مستمر؛ فالله تعالى قد قدره علينا حتما، فلا يمكن لنا الفرار منه { نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين } (الواقعة: 60)، { إنك ميت وإنهم ميتون } (الزمر: 30).
ومما لا يمكن لنا التأثير فيه هو تأخير الموت إذا اجتمعت أسبابه، أو تقديمه قبل حصول أسبابه { ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها } (المنافقون: 11)، { إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } (النحل: 61).
أيضا فإنه تعالى قد علق الموت بأسباب مقدرة من عنده، فهذا لا تصرف لنا فيه. فلا نستطيع أن نغير ما جعله الله أسبابا للموت. { وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله } (آل عمران: 145).
صفحه ۱۱۳