ودليل أن التبرك بالأشجار والأحجار وبقبور الأولياء والنذر والذبح لها لقضاء الحاجات وتفريج الكربات والتبرك بالعكوف والتعبد عندها والتبرك بأستارها وأترابها شرك] (١) قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى - وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾ [النجم: ١٩ - ٢٠] (٢) .
_________
(١) من زيادة الناشر السابق.
(٢) سورة النجم آية: ١٩.
يقول الله تعالى ذلك مقرعا المشركين في عبادتهم الأصنام والأوثان والأنداد واتخاذهم لها البيوت مضاهاة للكعبة التي بناها خليل الرحمن ﵇، وكانت اللات صخرة بيضاء منقوشة وعليها بيت بالطائف له أستار وخدمة وحوله فناء معظم عند أهل الطائف وهم ثقيف ومن تابعها يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب بعد قريش، والعزى كانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة وهي بين مكة والطائف وكانت قريش تعظمها، ولذلك قال أبو سفيان يوم وقعه أحد: لنا العزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله ﷺ لأصحابه: " قولوا الله مولانا ولا مولى لكم "، ومناة كانت بالمشلل عند قديد بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتهم يعظمونها ويهلون منها للحج إلى الكعبة، فبعث النبي ﷺ أناسا من الصحابة ﵃ إلى هدمها، فأرسل خالد بن الوليد سيف الله على المشركين إلى العزى فهدمها وجعل يقول:
يا عز كفرانك لا سبحانك ... إني رأيت الله قد أهانك
وأرسل المغيرة بن شعبة وأبا سفيان صخر بن حرب إلى اللات فهدماها، وجعلا مكانها مسجدًا بالطائف، وبعث رسول الله ﷺ إلى مناة أبا سفيان صخر بن حرب فهدمها، ويقال هدمها علي بن أبي طالب. فالنبي ﷺ جاء بالدين الحق، وإخلاص العبودية، وإفراد المعبود بالحق، وإبطال العادات القبيحة، وكل ما يشوبه شيء من الشرك، وجرى على ذلك أصحابه العظام وتابعوه الكرام من بعده إلى أن اختلط الحابل بالنابل واستحوذ الشيطان وغواة الباطل على عقول كثير من المسلمين، فجددوا عبادة الأوثان لا سيما في عصرنا الحاضر عصر الجهل المركب والصور المزخرفة، فلقد طم البلاء وعم، والعلماء ساكتون إلا من شاء الله، فإنا لله وإنا إليه راجعون. علقه الشيخ محمد منير الدمشقى.
1 / 32