256

Usul al-Bazdawi

أصول البزدوي

ناشر

مطبعة جاويد بريس

محل انتشار

كراتشي

ژانرها

اصول فقه

حتلى وجب ضمان العدوان على الخاطئ لانه ضمان مال الأجزاء فعل ووجبت به الدية لكن الخطاء لما كان عذرا صلح سببا للتخفيف بالفعل فيما هو صلة إلا يقابل ما لا ووجبت عليه الكفارة لان الخاطئ لا ينفك عن ضرب تقصير يصلح سببا لما يشبه العبادة والعقوبة لانه جزاء قاصر وصح طلاقه عندنا وقال الشافعي لا يصح لعدم الاختيار منه وصار كالنائم ولو قام البلوغ مقام اعتدال العقل لصح طلاق النائم ولقام البلوغ مقام الرضاء أيضا فيما يعتمد الرضاء والجواب عنه أن الشيء إنما يقومم مقام غيره إذا صلح دليلا وكان في الوقوف على الأصل جرح فيقل تيسير أو ليس في اصل العمل بالعقل حرج في دركه والنوم ينافي في اصل العمل به ولا حرج في معرفته فلم يقم البلوغ مقامه والرضاء عبارة عن امتلاء الاختيار حتى يفضى إلى الظاهر ولهذا كان الرضاء والغضب من المتشابه في صفات الله عز وجل فلم يجز اقامة غيره مقامه فأما دوام العمل بالعقل بلا سهو ولا غفلة أمر لا يوقف عليه إلا بحرج فاقيم البلوغ مقامه عند قيام كمال العقل ولما كان الخطاء لا يخلو عن ضرب تقصير لم يصلح سببا للكرامة إلا تراه صالحا للجزاء ولهذا قلنا أن الناسي استوجب بقاء الصوم من غير اداء وجعل المناقض عدما في حقه فلم يلحق به الخاطئ وإذا جرى البيع على لسان المرء خطاء بلا قصد وصدقه عليه خصمه يجب أن ينعقد ويكون كبيع المكره لوجود الاختيار وضعا ولعدم الرضاء والله اعلم واما الفصل الآخر فهو فصل الاكراه وهو ثلاثة أنواع نوع يعدم الرضاء ويفسد الاختيار وهو الملجىء ونوع يعدم الرضاء ولا يفسد الاختيار وهو الذي لا يلجئ ونوع آخر لا يعدم الرضاء وهو أن يهتم بحبس أبيه أو ولده وما يجري مجراه والاكراه بجملته لا ينافي اهلية ولا يوجب وضع الخطاب بحال لان المكره مبتلى والابتلاء يحقق الخطاب إلا يرى انه متردد بين فرض وخطر واباحة ورخصة وذلك آية الخطاب فيأثم مرة ويوجر أخرى ولا ينافي الاختيار ايضا لأنه لو سقط لبطل الاكراه إلا يرى انه حمل على الاختيار وقد وافق الحامل فكيف لا يكون مختارا ولذلك كان مخاطبا في عين ما أكره عليه فثبت بهذه الجملة أن الاكراه لا يصلح لابطال حكم شيء من الأقوال والافعال جملة إلا بدليل غيره على مثال فعل الطايع وانما اثر الكره إذا تكامل في تبديل النسبة و اثره إذا قصر في تفويت الرضاء واما في الاهدار فلا فهذا اصل هذه الجملة خلافا للشافعي رحمه الله ثم الحاجة إلى التفصيل وترتيب هذه الجملة والجملة عند الشافعي أن الاكراه الباطل متى جعل عذرا في الشريعة كان مبطلا للحكم عن المكره اصلا فعلا كان أو قولا لما قلنا أن الاكراه يبطل الاختيار وصحة القول بالقصد والاختيار ليكون ترجمة عما في الضمير فتبطل عند عدمه والاكراه بالحبس مثل الاكراه بالقتل عنده إلا يرى انه يعدم الرضاء وتحقيق العصمة في دفع الضرر عنه عند عدم الرضاء ويبطل البيع والاقارير كلها وإذا وقع الاكراه على الفعل فإذا تم الاكراه بطل حكم الفعل عن الفاعل وتمامة بان يجعل عذرا يبيح الفعل فان امكن ان ينسب إلى المكره نسب اليه والا فيبطل حكمه اصلا ولهذا قال في الاكراه على تلاف المال وقال في الأقوال اجمع انها تيطل وقال في اتلاف صيد الحرم والاحرام والافطارانه لا شيء على الفاعل ولكن الجزاء على المكره وقال في الاكراه على الزنا انه يوجب الحد على الفاعل لانه لم يحل ب الفعل وكذلك قال في المكره وقال في الاكراه على الزنا انه يوجب الحد على الفاعل لانه لم يحل به الفعل وكذلك قال في المكره على القتل انه يقتل لما قلنا واما المكره فانما يقتل بالتسبيب وقال في الاكراه على الاسلام ا ان المكره اذا كان ذميما لم يصح اسلامه وان كان حربيا يصح لان اكراه الذمي باطل واكراه الحربي جائز فعد الاختيار قائما وكذلك القاضي إذا اكره المديون على بيع ماله فباعه صح لان لهذا الاكراه حق و كذلك المولى إذا اكره فطلق صح لما قلنا وذلك بعد المدة عنده وقد ذكرنا نحن أن الاكراه لا يعدم الاختيار لكنه يعدم الرضاء فكان دون الهزل وشرط الخيار ودون الخطأ لكنه يفسد الاختيار فإذا عارضه اختيار صحيح وجب ترجيح الصحيح على الفاسد ان امكن فيجعل الاختيار الفاسد معدوما في مقابلته وإذا جعل معدوما صار بمنزلة عديم الاختيار فيصير آلة للمكره فيما يحتمل ذلك وفيما لا يحتمله لا يستقيم نسبته إلى المكره فلا يقع المعارضة في استحقاق الحكم فبقى منسوبا إلى الاختيار الفاسد لانه صالح لذلك وانما كان يسقط بالترجيح إلا يرى أن هذا القدر من الاختيار صالح للخطاب و صارت التصرفات كلها منقسمة إلى هذين القسمين الأقوال قسم واحد أن المتكلم فيها لا يصلح آلة لغيره فاقتصرت عليه والافعال قسمان أحدهما مثل الأقوال والثاني ما يصلح أن يكون الفاعل فيه آلة لغيره والاقوال قسمان ايضا ما يحتمل الفسخ ويتوقف على الرضاء وما لا يحتمل الفسخ ويتوقع على القصد والاختيار دون الرضاء والاكراه نوعان كامل يفسد الاختيار ويوجب الالجاء وقاصر يعدم الرضاء ولا يوجب الالجاء والحرمات أنواع حرمة وجملة الفقه فيه ما قلنا أن الاكراه لا يوجب تبديل الحكم بحال ولا تبديل محل الجناية ولا يوجب تبديل النسبة إلا بطريق واحد وهو أن تجعل المكره الة للمكره لا وجه لنقل الحكم بدون نقل الفعل ولا وجه لنقل الفعل ذاته إلا بهذا الطريق فان امكن وألا وجب القصر على المكره ففي الأقوال كلها لا يصلح أن يتكلم المرء بلسان غيره فاقتصر على المتكلم ثم ينظر فان كان من جنس ما لا ينفسخ ولا يتوقف على وجود الرضاء والاختيار لم يبطل بالكره مثل الطلاق والعتاق والنكاح لان ذلك لا يبطل بالهزل وهو ينافي الاختيار والرضاء بالحكم ولا يبطل شرط الخيار وهو ينافي الاختيار اصلا فلأن لا يبطل بما يفسد الاختيار اولى وإذا اتصل الاكراه بقبول المال في الخلع فإن الطلاق يقع والمال لا يجب لان الاكراه لا يعدم الاختيار في السبب و الحكم جميعا ويعدم الرضاء بالسبب والحكم جميعا اوالتزام المال ينعدم عند عدم الرضاء فكأن المال لم يوجد فلم يتوقف الطلاق عليه بل وقع كطلاق الصغيرة على مال بخلاف البدل عند أبي حنيفة رضي الله عنه لانه يعدم الرضاء والاختيار جميعا بالحكم ولا يمنع الرضاء ولا الاختيار في السبب و إذا كان كذلك صح ايجاب المال فيتوقف الطلاق كشرط الخيار فانه لما دخل على الحكم دون السبب اوجب توقف الطلاق على المال كذلك ههنا واما عندهما فان الاكراه يعدم الرضاء بالسبب والحكم ولا يمنع الاختيار فيهما ايضا فلم يصح ايجاب المال لعدم الرضاء بلزوم المال فكان لم يوجد فوقع بغير مال بخلاف البدل لانه يعدم الرضاء والاختيار في الحكم دون السبب وعندهما ما يدخل على الحكم دون السبب لا يؤثر في بدل الخلع اصلا كشرط الخيار وما دخل على السبب يؤثر في المال دون الطلاق لانه لا يجب إلا بالشرط فكان في الايجاب مثل الثمن وبعد صحة الايجاب الطلاق الذي هو المقصود واما الذي يحتمل الفسخ ويتوقف على الرضاء مثل البيع والاجارة فانه يقتصر على المباشر ايضا إلا انه يفسد لعدم الرضاء ولا يصح الاقارير كلها لان صحتها تعتمد قيام المخبر به وقد قامت دلالة عدمه ولا تسلم قول الخصم أن الضرر موقوف على الرضاء بل على الاختيار إلا يرى أن الانسان قد يختار الضرر كارها غير راض كالفصد وشرب الدواء وانما الرضاء للزوم فيما يحتمل الفسخ لا غير وهذا بخلاف اقارير السكران فإنها تصح على ما قلنا لان السكر لما لم يصلح عذرا لم يصلح دلالة على عدم المخبر به بل جعل دلالة على الرجوع بخلاف السكران إذا ارتد فإن امرأته لا تبين وجعل السكر دلالة على عدم المخبر به لان الردة تعتمد محض الإعتقاد وقد وقع فيه الشك والشبهة فلم يثبت وما يعتمد العبارة لا يبطل بالشبهة ايضا والكامل من الاكراه والقاصر في هذا سواء والقسم الذي يصلح أن يكون فيه آلة لغيره فمثل اتلاف المال واتلاف النفس لانه يحتمل أن يأخذه فيضرب به نفسا أو مالا فيتلفه فان كان عليه ما اوجب جرحه وجب به القود في النفس بالإجماع وليس في ذلك تبديل محل الجناية ايضا فلذلك جعل آلة فإذا جعل آلة له بالطريق الذي قلنا صار ابتداء وجود الفعل مضافا اليه فلزمه حكم الفعل ابتداء وخرج المكره من الوسط ولذلك وجب القصاص على المكره ولذلك قلنا فيمن اكره على رمي صيد فرماه فأصاب انسانا أن الدية على عاقله المكره والكفارة عليه لان الدية ضمان المتلف والكفارة جزاء الفعل المحرم لحرمة هذا المحل ايضا وكذلك اتلاف المال ينسب إلى المكره ابتداء و هذه نسبة ثبتت شرعا لما قلنا وهذا كالأمر فانه متى صح استقام نقل الجناية به ايضا كمن أمر عبده بأن يحفر بئرا في فنائه وذلك موضع اشكال قد يخفى على الناس انه ملكه أو حق المسلمين فحفر فوقع فيه انسان ومات أن المولى هو القاتل لما قلنا من صحة الأمر وكذلك إذا استأجر حرا واستعان به وذلك موضع اشكال ولم يبين فان ضمان ما يعطب به على الأمر استحسانا لما قلنا من صحة الأمر وإذا كان في جادة الطريق لا يشكل حاله بطل الأمر واقتصرت الجناية على المباشر وكذلك من قتل عبد غيره بأمر المولى انتقل إلى المولى نفس القتل في حق حكمه كأنه باشره لانه موضع شبهة بخلاف ما إذا قتل حرا بأمر حر آخر في ان الضمان على المباشر والاكراه صحيح بكل حال فوجب ان ينسب الفعل إلى الذي اكرهه واما الاكراه الذي لا يوجب الالجاء فلا يوجب النقل لانه يعدم الرضاء ولا يفسد الاختيار والمشية فلذلك لم يجعل آلة له واما القسم الذي لا يحتمل أن يجعل الفاعل فيه آلة لغيره فذلك

صفحه ۳۶۰