قال الشيخ الأمام رضي الله عنه وحاصل ذلك أن المجيب متى امكنه الجمع بين ما ادعاه علة وبين ما يتصور مناقضة بتوفيق بين بطلت المناقضة كما يكون ذلك في المناقضات في مجلس القضاء بين الدعوى والشهادة وبين الشهادات انه متى احتمل التوفيق وظهر ذلك بطل التناقض إما الأول فبالوصف الذي جعله علة و الثاني بمعنى الوصف الذي به صار الوصف علة وهو دلالة اثره والثالث بالحكم المطلوب بذلك الوصف والرابع بالغرض المطلوب بذلك الحكم إما الأول فظاهر مثل قولنا في مسح الرأس انه مسح فلا يسن تثليثه كمسخ الخف ولا يلزم الاستنجاء لانه ليس بمسح ولكنه ازالة النجاسة إلا ترى انه إذا احدث فلم يتلطخ به بدنه لم يكن الاستنجاء سنة كذلك قولنا في الخارج من غير السبيلين انه خارج من الانسان فكان حدثا كالبول ولا يلزم عليه إذا لم يسل لانه ظاهر وليس بخارج لان تحت كل جلدة رطوبة وفي كل عرق دما فإذا زايله الجلد كان ظاهرا إلا خارجا إلا ترى انه لا يجب به الغسل بالإجماع واما الدفع بمعنى الوصف فإنما صح لان الوصف لم يصر حجة بصيغته وانما صار حجة بمعناه الذي يعقل به وذلك ضربان أحدهما ثابت بنفس الصيغة ظاهرا والثاني بمعناه الثابت به دلالة على ما ذكرناه فيما سبق فكان ثابتا به لغة فصح الدفع به كما صح بالقسم الأول فكان دفعا بنفس الوصف وهذا احق وجهي الدفع لكن الأول اظهر فنبدأ به وذلك مثل قولنا مسح في الوضوء فلم يكن التكرار فيه مسنونا كمسخ الخف ولا يلزم الاستنجاء لان معنى المسح تطهير حكمي غير معقول والتكرار لتوكيد التطهير فإذا لم يكن مراد بطل التكرار إلا ترى انه يتأدى ببعض محله بخلاف الاستنجاء لانه لازالة عين النجاسة في التكرار توكيده إلا ترى انه لا يتأدى ببعضه فصار ذلك نظير الغسل ولهذا معنى ثابت باسم المسح لغة وكذلك قولنا انه نجس خارج فكان حدثا كالبول ولا يلزم إذا لم يسل لان ما سال منه نجس أوجب تطهيرا حتى وجب غسل ذلك الموضع فصار بمعنى البول وهذا غير خارج إذا لم يسل
صفحه ۲۸۹