الله فهذا وحي ظاهر كله مقرون بما هو إبتلاء اعني به الابتلاء في درك حقيتة بالتأمل وانما اختلف طريق الظهور وهذا من خواص النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان حجة بالغة وانما يكرم غيره بشيء منها لحقه على مثال كرامات الالياء واما الوحي الباطن فهو ما ينا لباجتهاد الرأي بالتأمل في الأحكام المنصوصة واختلف في هذا الفصل فابى بعضهم أن يكون هذا من حظ النبي صلى الله عليه وسلم وانما له الوحي الخالص لا غير وانما الرأي والاجتهاد لامته وقال بعضهم كان له العمل في احكام الشرع بالوحي والرأي جميعا والقول إلا صح عنددنا هو القول الثالث وهو أن الرسول مأمور بانتظار الوحي فيما لم يوحي اليه من حكم الواقعة ثم العمل بالراي بعد انقضاء مدة الانتظار واحتج الأول بقول الله تعالى
﴿وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى﴾
ولان الاجتهاد محتمل للخطأ ولا يصلح لنصب الشرع ابتداء لان الشرع حق الله تعالى فاليه نصبه بخلاف امر الحروب لانه يرجع إلى العباد يدفع أو جر فصح اثباته بالراي ووجه القول الآخر أن الله تبارك وتعالى أمر بالاعتبار عاما بقوله
﴿فاعتبروا يا أولي الأبصار﴾
وهو عليه السلام حتى الناس بهذا الوصف وقال الله تبارك وتعالى
﴿ففهمناها سليمان﴾
وذ لك عبارة عن الرأي من غير نص وكذلك قوله تبارك وتعالى
﴿لقد ظلمك﴾
بسؤال نعجتك إلى نعاجه جواب بالراي وقال النبي صلى الله عليه وسلم للخثعمية ارايت لو كان على ابيك دين فقضيته إما كان تقبل منك قالت نعم قال فدين الله احق وقال لعمر وقد سأله عن القبلة للصائم ارايت لو تمضمضت بماء ثم محجته اكان تضرك وهذا قياس ظاهر وقال فيمن اتى اهله انه يوجر فقيل ايوجر أحدنا في شهوته فقال ارايت لو وضعه في حرام إما كان باثم وقال في حرمة الصدقه على بني هاشم ارايت لو تمضمضت بماء ثم محجته اكنت شاربه وهذا قياس واضح في تحريم الاوساخ بحكم الاستعمال ولان الرسول صلى الله عليه وسلم اسبق الناس في العلم حتى وضح له ما خفى على غيره من المتشابه فحال أن يخفى عليه معاني النص وإذا وضح له لزمه العمل به لان الحجة للعمل شرعت إلا أن اجتهاد غيره يحتمل الخطأ واجتهاده لايحتمل ولا يحتمل القرار على الخطاء فإذا اقره الله تعالى على ذلك دل على انه مصيب بيقين وذلك مثل امور الحرب وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشاور في سائر الحوادث عند عدم النص مثل مشاورته في امور الحرب إلا ترى انه شاورهم في اسارى بدر فاخذ براي أبي بكر وكان ذلك هو الرأي عنده
صفحه ۲۳۰