وهو الفصل الثالث من القسم الأول وهو كل خبر يرويه الواحد أو الاثنان فصاعدا لا عبرة للعدد فيه بعد أن يكون دون المشهور والمتواتر وهذا يوجب العمل ولا يوجب العلم يقينا عندنا وقال بعض الناس لا يوجب العمل لانه لا يوجب العلم ولا عمل إلا عن علم قال الله تعالى
﴿ولا تقف ما ليس لك به علم﴾
وهذا لان صاحب الشرع موصوف بكمال القدرة فلا ضرورة له في التجاوز عن دليل يوجب علم اليقين بخلاف المعاملات لانها من ضروراتنا وكذلك الرأي من ضروراتنا فاستقام أن يثبت غير موجب علم اليقين وقال بعض أهل الحديث يوجب علم اليقين لما ذكرنا أنه اوجب العمل ولا عمل من غير علم وقد ورد الآحاد في احكام الآخرة مثل عذاب القبر ورؤية الله تعالى بالابصار ولا حظ لذلك إلا العلم قالوا وهذا العلم يحصل كرامة من الله تعالى فثبت على الخصوص للبعض دون البعض كالوطئ تعلق من بعض دون بعض ودليلنا في أن خبر الواحد يوجب العمل واضح من الكتاب والسنة والإجماع والدليل المعقول إما الكتاب قال الله تعالى
﴿وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس﴾
وكل واحد إنما يخاطب بما في وسعه ولو لم يكن خبرة حجة لما أمر ببيان العلم وقال جل ذكره
﴿فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة﴾
وهذا في كتاب الله اكثر من أن يحصى واما السنة فقد صح عن النبي عليه السلام قبوله خبر الواحد مثل خبر بريرة في الهدية وخبر سلمان في الهدية والصدقة وذلك لا تحصى عدده ومشهور عنه أنه بعث الأفراد إلى الآفاق مثل علي ومعاذ وعتاب بن اسيد ودحية وغيرهم رضي الله عنهم وهكذا أكثر من أي يحصى وأشهر من ان يخفى وكذلك أصحابه رضي الله عنهم عملوا بالآحاد وحاجوا بها قد ذكر محمد رحمه الله في هذا غير حديث في كتاب استحسان واختصرنا على هذه الجملة لوضوحها واستفاضتها وأجمعت الأمة على قبول أخبار الآحاد من الوكلاء والرسل والمتضاربين وغيرهم وأما المعقول فلان الخبر يصير حجة بصفة الصدق والخبر يحتمل الصدق والكذب وبالعدالة بعد أهلية الأخبار يترجح الصدق وبالفسق الكذب فوجب العمل برجحان الصدق ليصير حجة للعمل ويعتبر احتمال السهو والكذب لسقوط علم اليقين وهذا لان العمل صحيح من غير علم اليقين الا ترى أن العمل بالقياس صحيح بغالب الرأي وعمل الحكام بالبينات
صفحه ۱۵۴