287

اصول سرخسی

أصول السرخسي

ویرایشگر

أبو الوفا الأفغاني

ناشر

لجنة إحياء المعارف النعمانية

شماره نسخه

الأولى

محل انتشار

حيدر آباد

ژانرها

اصول فقه
المواطأة فَإِنَّمَا يَبْنِي على هَذَا أَنه مَتى كَانَ المخبرون بِحَيْثُ يُؤمن تواطؤهم عَادَة يكون خبرهم متواترا
وَالْحُدُود نَوْعَانِ مِنْهُ مَا يكون متميز الْأَطْرَاف وَالْوسط كالمقادير فِي الْحُدُود الشَّرْعِيَّة وَمِنْه مَا يكون متميز الْأَطْرَاف مُشكل الْوسط كالسير بالأميال وَالْأكل بالأرطال
فَهَذَا مِمَّا هُوَ متميز الْأَطْرَاف مُشكل الْوسط وَالطَّرِيق فِيهِ مَا بَينا
فصل فِي بَيَان أَن إِجْمَاع هَذِه الْأمة مُوجب للْعلم
قَالَ ﵁ اعْلَم أَن إِجْمَاع هَذِه الْأمة مُوجب للْعلم قطعا كَرَامَة لَهُم على الدّين لَا لانْقِطَاع توهم اجْتِمَاعهم على الضلال بِمَعْنى مَعْقُول فاليهود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس أَكثر منا عددا وَقد وجد مِنْهُم الْإِجْمَاع على الضَّلَالَة وَلِأَن الِاتِّفَاق قد يتَحَقَّق من الْخلف على وَجه الْمُتَابَعَة للآباء من غير حجَّة كَمَا أخبر الله تَعَالَى عَن الْكَفَرَة بقوله تَعَالَى ﴿إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله﴾ فَعرفنَا أَنه إِنَّمَا جعل اجْتِمَاع هَذِه الْأمة حجَّة شرعا كَرَامَة لَهُم على الدّين
فَهَذَا مَذْهَب الْفُقَهَاء وَأكْثر الْمُتَكَلِّمين
وَقَالَ النظام وَقوم من الإمامية لَا يكون الْإِجْمَاع حجَّة مُوجبَة للْعلم بِحَال لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا اجْتِمَاع الْأَفْرَاد وَإِذا كَانَ قَول كل فَرد غير مُوجب للْعلم لكَونه غير مَعْصُوم عَن الْخَطَأ فَكَذَلِك أقاويلهم بَعْدَمَا اجْتَمعُوا لِأَن توهم الْخَطَأ لَا يَنْعَدِم بالاجتماع أَلا ترى أَن كل وَاحِد مِنْهُم لما كَانَ إنْسَانا قبل الِاجْتِمَاع فَبعد الِاجْتِمَاع هم نَاس وكل وَاحِد من القادرين حَالَة الِانْفِرَاد لَا يصير عَاجِزا بعد الِاجْتِمَاع وكل وَاحِد من العميان عِنْد الِانْفِرَاد لَا يصير بَصيرًا بالاجتماع وَلَا تصير جُمْلَتهمْ أَيْضا بِهَذِهِ الصّفة بعد الِاجْتِمَاع
وَهَذَا الْكَلَام ظَاهر التَّنَاقُض وَالْفساد فقد ثَبت بالاجتماع مَا لَا يكون ثَابتا عِنْد الِانْفِرَاد فِي المحسوسات والمشروعات فَإِن الْأَفْرَاد لَا يقدرُونَ على حمل خَشَبَة ثَقيلَة وَإِذا اجْتَمعُوا قدرُوا على ذَلِك واللقمة الْوَاحِدَة من الطَّعَام والقطرة من المَاء لَا تكون مشبعة وَلَا مروية ثمَّ عِنْد الِاجْتِمَاع تصير مشبعة ومروية وَهَذَا لِأَن بالاجتماع يحدث مَا لم يكن عِنْد الِانْفِرَاد وَهُوَ الدَّلِيل الْجَامِع لَهُم على

1 / 295