ارگانون جدید

عادل مصطفى d. 1450 AH
94

ارگانون جدید

الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة

ژانرها

هناك أيضا بعض حالات النار تبدأ أو تندلع في بعض المواد من مسافات كبيرة جدا، مثلما يحكى عن النفط في بابل، فالحرارة تسافر مسافات شاسعة وكذلك البرودة، فأهالي كندا يشعرون من بعيد بالبرد الناجم عن كتل الجليد التي تتحطم وتطفو على المحيط الشمالي وتحمل خلال الأطلنطي تجاه سواحلهم، والروائح أيضا تؤثر من مسافات كبيرة (وإن بدا أن هناك أيضا انبعاثا فيزيقيا ما في حالتها)، كما يلاحظ البحارة على طول سواحل فلوريدا أو بعض أجزاء إسبانيا حيث توجد غابات كاملة من أشجار الليمون وأشجار البرتقال ومثل هذه النباتات العطرة، أو أدغال من إكليل الجبل

rosemary

والعترة وما شابه، وأخيرا فإن إشعاع الضوء وانطباعات الصوت تعمل على مسافات كبيرة.

ولكن جميع هذه القوى - سواء تعمل على مسافة كبيرة أو صغيرة - تعمل بالتأكيد في حدود مسافة محددة، ثابتة ومعلومة من جانب الطبيعة، ومن ثم هناك حد يعتمد على كتلة الأجسام أو مقدارها، أو على عرامة هذه القوى أو ضعفها، أو على الوسط المحيط موات هو أم مقاوم، وكل منها ينبغي أن يؤخذ بالاعتبار ويلاحظ، وينبغي أيضا أن نلاحظ ونحسب حدود الحركات العنيفة من قبيل القذائف والمدافع والعجلات ... إلخ، فمن البين أن لها أيضا حدودها الثابتة.

هناك أيضا حركات وقوى معينة ذات طبيعة مضادة لتلك التي تعمل بالتلامس وليس عن بعد، أي تلك التي تعمل على بعد وليس بالتلامس، وتلك التي تعمل عملا ضعيفا على المسافة القصيرة وتؤثر تأثيرا أقوى على المسافة الأكبر. البصر مثلا لا يؤدى بالتلامس على نحو جيد، بل يحتاج إلى وسط وإلى مسافة، غير أني أذكر أني سمعت رواية من شخص ذي مصداقية قال: إنه كان يعالج الكاتاراكت

76

بعينيه (كان العلاج أن تدخل إبرة فضية صغيرة تحت الغشاء الأول للعين لكي تزيل غشاء الكاتاراكت وتدفع به إلى ركن العين)، فرأى الإبرة وهي تتحرك فوق الحدقة الحقيقية بوضوح شديد، ولكن مهما يكن نصيب هذا من الصدق، فمن الواضح أن الأشياء الأكبر لا ترى جيدا أو بوضوح إلا على رأس مخروط حيث تلتقي الأشعة من الشيء على مسافة ما، وفضلا عن ذلك فالمسنون من الناس يبصرون على نحو أفضل حين يوضع الشيء أبعد قليلا لا أقرب، وفي حالة القذائف فمن المؤكد أن المفعول ليس كبيرا جدا من المسافة المفرطة القصر مثلما هو من مسافة أبعد بعض الشيء، هذه الأشياء ومثيلاتها هي ما ينبغي علينا ملاحظته في قياس الحركات في صلتها بالمسافة.

هناك أيضا نوع ثان من القياس المكاني للحركة ينبغي ألا نغفله، وهو لا يتصل بالحركات الخطية بل بالحركات الكروية، أي بتمدد الأجسام إلى كرة أكبر، أو انكماشها إلى كرة أصغر، فبين قياساتنا للحركات يجب أن ندرس أي درجة من الضغط أو التمدد تحتمله الأجسام (وفقا لطبيعتها) بسهولة وطواعية، وعند أية نقطة تبدأ في المقاومة إلى أن تنفد ولا يعود الجسم يحتمل، مثلما يحدث عندما يضغط كيس منتفخ، فهو يتحمل بعض الضغط على هوائه، ولكن بعد نقطة معينة لا يعود الهواء يحتمل الضغط وينفجر الكيس.

وقد اختبرت هذا على نحو أدق بتجربة مرهفة، فأخذت جرسا معدنيا صغيرا رقيقا وخفيفا جدا مثل المملحة، وغطسته في حوض من الماء، بحيث يأخذ معه إلى قاع الحوض الهواء الذي يحمله في تجويفه، ووضعت أولا كرة صغيرة في القاع ليستقر عليها الجرس، وكانت النتيجة أنه إذا كانت الكرة صغيرة جدا (بالنسبة للتجويف) كان الهواء ينسحب إلى منطقة أصغر، وينضغط ببساطة ولا يطرد، أما إذا كانت الكرة كبيرة جدا لا تسمح للهواء أن ينسحب طوعا، فإن الهواء لا يمكنه تحمل الضغط الأكبر، بل كان يرفع الكرة جزئيا ويصعد إلى أعلى على شكل فقاعات.

ولكي أختبر التمدد والانضغاط الذي يسمح به الهواء لجأت إلى التجربة التالية: أخذت بيضة زجاجية بها ثقب في أحد أطرافها، وسحبت الهواء منها خلال الثقب بواسطة شفاط قوي، ثم سددت الثقب للتو بإصبع، وغطست البيضة في الماء ثم نزعت الإصبع. كان الهواء تحت ضغط بواسطة التوتر الذي أحدثه الشفط، ومنتفخا بدرجة تتجاوز طبيعته، وفي محاولته لكي يرتد وينكمش (بحيث إذا لم تكن البيضة قد غطست في الماء لكانت سحبت هواء إلى داخلها يصفر في دخوله) فقد سحب إلى الداخل كمية من الماء كافية لكي يستعيد أبعاده الأولى.

صفحه نامشخص