ارگانون جدید
الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة
ژانرها
generation
و«الفساد»
corruption ، ولكن كل هذه أمور معلومة ومبتذلة، ولا تنفذ إلى عمق الطبيعة على الإطلاق؛ لأنها تشكل مقاييس الحركة وحدودها وليس الأنواع المختلفة للحركة، فهي تشير إلى «كم» (إلى أي درجة) وليس إلى «كيف» (بأية وسيلة) أو «من أين» (من أي مصدر)، ولا تخبرنا بأي شيء عن نزوع الأجسام أو عن صيرورة أجزائها، بل تحدس فحسب بتقسيم للحركة عندما تظهر هذه الحركة للحواس بطريقة واضحة أن شيئا ما لم يعد كما كان من قبل، وحتى عندما يريدون تفسير شيء ما عن علل الحركات وأن يؤسسوا تقسيما لهذه العلل، فإنهم يضعون تمييزا بين الحركة الطبيعية والحركة العنيفة، وهي نقلة غاية في العقم؛ لأن هذا التمييز هو نفسه مستمد تماما من تصور عامي، حيث إن الحركة العنيفة هي أيضا في الحقيقة حركة طبيعية، أي علة خارجية تجعل الطبيعة تعمل بطريقة مختلفة عما كانت عليه من قبل.
ولكن لنضرب صفحا عن كل هذا، فإذا ما لاحظ أي شخص - على سبيل المثال - أن في الأجسام نزوعا إلى الاتصال المتبادل، بحيث لا تسمح لوحدة الطبيعة أن تنفصم أو تنحطم تماما وللفراغ بالتالي أن يتكون، أو إذا لاحظ أي شخص أن في الأجسام نزوعا إلى استعادة أبعادها أو ضغطها الطبيعي، بحيث إذا ضغطت أو مطت أكثر من ذلك أو أقل جهدت على الفور لاستعادة واسترداد حجمها وامتدادها السابق، أو إذا لاحظ أي شخص أن في الأجسام نزوعا إلى التجمع مع كتل الأشياء التي من صنفها، أي نزوع الأجسام الثقيلة إلى الأرض، والأشياء الهزيلة والخفيفة إلى محيط السماء؛ فكل هذه الأشياء وأمثالها هي في الحقيقة أنواع فيزيقية من الحركة، أما تلك الأشياء الأخرى فهي نظرية ومدرسية قلبا وقالبا كما هو واضح جلي من هذه المقارنة فيما بينها.
وليس أهون من ذلك أنهم في فلسفاتهم وملاحظاتهم يهدرون جهودهم في بحث وتناول المبادئ الأولى للأشياء والعلل القصوى للطبيعة
ultimatibus naturae ، رغم أن كل الجدوى وفرص التطبيق تكمن في العلل الوسطى
in mediis ؛ لذا لا يكف الناس عن تجريد الطبيعة إلى أن يصلوا إلى مادة ممكنة وغير مشكلة، ولا هم من الجهة الأخرى يكفون عن تشريح الطبيعة إلى أن يصلوا إلى الذرة، وهي أشياء - حتى لو صدقت - قلما تجدي نفعا في تحسين حالة الجنس البشري.
40 ••• (67) على الذهن أيضا أن يأخذ حذره من الإفراط الذي تبديه المذاهب الفلسفية في إبداء الموافقة أو الامتناع عنها، ويبدو أن هذا الإفراط يرسخ الأوهام وأنه بطريقة ما يطيل عمرها، غير تارك أي منفذ للوصول إليها والتخلص منها.
ثمة نوعان من هذا الإفراط: الأول هو الذي يأتيه أولئك الذين يتسرعون في إصدار الأحكام، فيجعلون العلوم جازمة تسلطية، والثاني يأتيه أولئك الذين ينكرون أن بإمكاننا أن نعرف أي شيء (
acatalepsia )، فيفتحون المجال لنوع هائم من البحث لا يهدف إلى شيء ولا ينتهي إلى شيء، من شأن النوع الأول أن يقمع الذهن، أما الثاني فيوهنه، فبعد أن فرغت الفلسفة الأرسطية من تدمير الفلسفات الأخرى (على طريقة العثمانيين تجاه إخوتهم)
صفحه نامشخص