5
فقالوا: «يا أمير المؤمنين إنها يلامعة» أي (سلاح يلمع) قال: «فنعم إذن»
6
ثم ركب حتى دخل الجابية.
وما استقر المقام بعمر في الجابية ليستريح من وعثاء السفر حتى تقدم إليه رجل غريب الزي وقال: «يا أمير المؤمنين، إنك لا ترجع إلى بلادك حتى يفتح الله عليك إيلياء
7
فالتفت عمر إلى أبي عبيدة وسأله: من هذا الرجل؟ (- فأجاب أبو عبيدة: هو يوسف اليهودي الذي طلب أن يتقدمنا إلى بيت المقدس. فلم يلتفت عمر إليه، وعند الفجر صلى عمر بالمسلمين صلاة الفجر، ثم خطب فيهم خطبة حسنة حض فيها الحاضرين على الاتحاد وشكر الله وقرأ الآية:
من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا * وكان قس من المسيحيين حاضرا فقال: «إن الله لا يضل أحدا.»
8 * فلما كرر القس هذا القول قال عمر: «إن عاد إلى قوله فاضربوا عنقه.» * فسكت القس * وحينئذ همس أبو عبيدة (- في أذن الأمير عمر: حيا الله الأمير وبياه فإنه كره العقاب إلا بعد الإنذار مع أن الرجل عاد علينا. فلا عجب في أن يحبنا مخالفونا؛ لتساهلنا إلى هذا الحد.
ثم أخذ أبو عبيدة يحدث عمر بما لقي الجند من الروم، وعمر باهت؛ فتارة يبكي وتارة يهدأ. فلم يزل كذلك إلى أن حضرت صلاة الظهر. فقال الناس: يا أمير المؤمنين، اسأل بلالا أن يؤذن لنا * وبلال هو العبد الذي كان مؤذن النبي، وكان قد حضر إلى بيت المقدس اغتناما لأجر القتال في سبيل فتحها. فقال عمر لبلال: «يا بلال، إن أصحاب رسول الله يسألون أن تؤذن لهم وتذكرهم أوقات نبيهم.» * «فقال بلال: نعم.» ثم أخذ يؤذن الظهر. «فلما قال: الله أكبر خشعت جلودهم واقشعرت أبدانهم. فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله بكى الناس بكاء شديدا حتى كادت قلوبهم تتصدع عند ذكر الله ورسوله». *
صفحه نامشخص