وهذه الرياضة للخيل على السباع لم أكن أسمع بها ولا رايتها في كتاب، ولكن هي من فضل ربي الذي ألهمني لذلك، فسبحان المان بفضله، وأما الإقدام على الأسد راجلًا، فلا يتقدم له إلا كل ثابت الجنان ويكن قد استصحب معه خنجرين، إحداهما مربوط في زنده الأيسر والآخر معارض على بطنه وقبضته مما يلي يمين الراجل وبالعكس إن كان أعسر، ويكون قد ربط على يديه عباءة مخيطة بخيط وثيق، وبيده اليسرى هيئة خازوق إما من خشب صلب، أو من حديد لكن يكون رأسه محددًا ثم بيمينه السيف، وليكن قلجوري للبعج، فإذا تقدم الأسد وفتح فيه استلقمه الرجل ذلك الخازق، وأقامه في حنكه، فينشب حينئذٍ الخازوق في سقف حلقه وبين لحييه، فإذا تمكن ذلك منه فأضربه حينئذٍ بسيفك على يديه أو على أحدهما، وتتأخر متواريًا بقوة ما استطعت، وإن أعطاك الله تعالى قوة وثباتًا وبعجت بسيفك إحدى عينيه، فأنت ذلك الرجل، وإن لبست على بدنك لبادًا ثخينًا لكن بلا أكمام كما سأذكر بعد في كيفية قتل النمر، فإن رهبك ووثب عليك ووضعك تحته، فاستل الخنجر وابقر بطنه. وهكذا فعل الأمير الشهير بقتال السبع ﵀.
وإن كانا رجلين قويي القلب مستعدين، فقتله أهون من قتل كلب، والترتيب في ذلك أ، يكون أحد الرجلين أحدهما أمامه والآخر خلفه، وليكن الذي وراءه متأخرًا عنه، بحيث أن الأسد إذا استرجع لا يصل إليه، وليكن الرجل الذي وراءه منحرفًا عنه، فإذا اشتغل الأسد بالذي أمامه فلا يضربه الذي خلفه إلا على عرقوبيه أو على أحدهما، فإذا ضربه الذي وراءه وأحسّ بالضربة فإنه يرجع وقد لا يرجع لمن ورائه، وقلّ أن يرجع، وهذا خلقه، فإن لم يرجع فمكّن الضربة على عرقوبه الآخر، فإذا قطعت عرقوبيه فليتقدم الذي خلفه ويبعجه في أحد جنبيه، فإن كانت البعجة في الجانب الأيسر، فذاك أسرع لموته، فإن القلب في جانبه الأيسر ويشترط أن يكون الرجلان قويي الجنان، خفيفي الحركات، مستعدين بخناجرهم كما تقدم. فإن اتفق والعياذ بالله أن يخطف الأسد الذي أمامه فليتقدم الذي وراءه ويقلع عينيه بالسيف بعجًا، فإنه يشتغل لا محالة، فيقلع الأخرى ويفوز بقتل مؤذٍ وإعدامه وخلاص خلق الله تعالى منه.
وكأنك يا سيدي تقول لشفقتك ورياستك ما كلف أحد بمثل هذا وربما عزّرا بأنفسهما، فيا سيدي ثم خلق خلقوا لمثل ذلك لشهامة خلقية مركبة من حيث النشأة والنصبة المحدبة الفلكية ولا تبديل لخلق الله.
وثم ببلاد اليمن أناس مشهورون بأولاد أم عيسى، إذا رأوا الضبع يتوأمون إليه ولا يستطيع أحدهم مسك نفسه إذا رأى الضبع.
قال بعض الأولياء من السادة العلماء، ﵁: رأيت من صلحائهم رجلًا، وهو الذي نقل لي ما تقدم من أمر أولئك القوم وإقدامهم على الضبع.
أما المملوك الضعيف إذا رأيت ثعبانًا تركبني حالة، ولا يمكنني التأخر عنه حتى يقدر الله في أمره ما يقدر، وقد قتل منهم على يدي عدة، وما ذاك إلا عن خصوصية تحتمل معانٍ.
وكذلك إذا رأيت مكتوبًا لفظ الحرب يتحرك في باطني أمرٌ وأجد قوة.
ووالله لم أذكر ذلك لتفاخر أو تمدح، وإنما ذكرت الواقع التخصيصي، وبالله التوفيق ولا قوة إلا بالله، وهو حسبي، ونعم النصير.
ولنذكر نكتًا من خواص الأسد
فمن ذلك إذا شرب الإنسان مرارة أسد مستهل الشهر في بيضة، حل المعقود عن النساء.
دماغه: من شرب منه حبتين في أوقية لبن بقرة لم يشب أبدًا.
قطعة من جلده: إذا علقت بشعره في عنق صاحب الصرع أبرأه، هذا قبل بلوغه، فإن أصابه الصرع بعد البلوغ لم ينفعه ذلك.
شحمه: من طلى به جسده نفرت منه سائر السباع ولم ينله مكروه، وكذلك من طلي بمرارته لم يقربه أسد.
وتؤخذه جلدة جبهته وشحمه ويذوب بدهن ورد، ويمسح به الوجه، فيهاب الملوك ذلك الإنسان وتخشاه جميع الناس.
وإذا أسرج سراجان أحدهما بشحم أسد والآخر بشحم كبش، ووضعا متقابلين فإنهما يقتتلان، هكذا وجد في الخواص.
وإذا طلي الكلف بشحم الأسد أزاله.
ومن اكتحل بمرارة أسد حد بصره.
مرارة الأسد، تغلى بعسل وتخلط وتلطخ بها داء الخنازير التي في العنق نخففها بإذن الله تعالى.
وإن سحقت مرارة الأسد وذرت على ضربة السيف ألحمت الضربة، بإذن الله ﷿ وكذلك الجراحات والطعنات.
1 / 15