مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين
مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين
ناشر
مكتبة الفلاح
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م
محل انتشار
الكويت
ژانرها
وتوفي أحد الصحابة في عهد الرسول ﷺ وكان قد تجهَّز للخروج للحرب وقتال الكفار، فقالت ابنته متحسِّرة: "إن كنت لأرجو أن تكون شهيدا، قد كنت قضيت جهازك". فقال الرسول ﷺ: "قد أوقع الله أجره على قدر نيته" (١).
وتخلف رجال في غزوة تبوك، كانوا يتحرَّقون شوقا إلى صحبة الرسول ﷺ في تلك المعركة، ولكن حبسهم العذر، بعضهم لم يكن عنده الزاد والراحلة، ولم يجد الرسول ﷺ ما يحملهم عليه، وبعضهم لعلَّه كان مريضا، ومنهم من تخلف عن الرسول ﷺ ليَليَ شؤون المدينة، ويقوم على حمايتها، فأخبر الرسول ﷺ أصحابه الذين كانوا معه في تلك الغزوة أن أولئك المتخلفين المعذورين يشاركونهم في الأجر، ونصّ كلامه ﷺ فيهم: "إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم العذر" (٢).
وقد أشار القرآن إلى مساواة أصحاب الأعذار للمجاهدين إذا منعهم الضرر من المسير والحرب والطعان، قال تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولي الضَّرَرِ، وَالْمُجَاهِدونَ فِي سبِيل الله بأَمْوالِهمْ وَأنفُسهِمْ﴾ (٣).
وقد نزلت هذه الآية كما يقول ابن كثير أولا بدون "أُولي الضَّرَرِ" وكان عند الله ابن أمّ مكتوم قريبا من الرسول ﷺ فقال: أَنا ضرير، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت، فنزلت: ﴿غيْرُ أولي الضَّرَر﴾ (٤)، فالآية كما يقول ابن كثير، ويرويه عن ابن عباس (٥): تدلُّ على أنَّ "أولي الضرر" يساوون
_________
(١) رواه النسائي في سننه (٤/ ١٤)، ومالك في موطئه (كتاب الجنائز ٣٦)، وأحمد في مسنده (٥/ ٤٤٦)، ورواه ابن حبان والحاكم، وإسناده صحيح.
(٢) رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما. انظر مسلم بشرح النووي (١٣/ ٥٦)، كنز العمال (١/ ٢٤٢).
(٣) سورة النساء / ٩٥.
(٤) تفسير ابن كثير (٢/ ٣٦٦)، والحديث تفرد بروايته البخاري دون مسلم كما يقول ابن كثير.
(٥) هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم الرسول صلى الله عيه وسلم، حبر هذه الأمة، وترجمان القرآن، دعا له الرسول ﷺ، وشهد له الصحابة، وأدخله عمر في مجلس الشورى مع كبار الصحابه، توفي بالطائف سنة (٦٨ هـ). (خلاصة تذهيب الكمال ٢/ ٧٠)، (طبقات الحفاظ ص ١٠) (الأعلام ٤/ ٢٢٨).
1 / 85