170

كشف شبهات الصوفية

كشف شبهات الصوفية

ناشر

مكتبة دار العلوم

محل انتشار

البحيرة (مصر)

ژانرها

سادس عشر: الموالد
قد جاء عن النبي ﵌، والسلف، النهي عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين عيدًا، عموما وخصوصًا.
فأما العموم: فقال رسول الله ﵌: «لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم». (رواه أبو داود وصححه الألباني)
ووجه الدلالة: أن قبر رسول الله ﵌ أفضل قبر على وجه الأرض، وقد نهى عن اتخاذه عيدًا. فقبر غيره أولى بالنهي كائنًا من كان، ثم إنه قَرَن ذلك بقوله ﵌: «ولا تتخذوا بيوتكم قبورًا» أي لا تعطلوها عن الصلاة فيها والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور، فأمر بتحري العبادة في البيوت، ونهى عن تحريها عند القبور، عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن تشبه بهم. ثم إنه ﵌ أعقب النهي عن اتخاذه عيدًا بقوله: «صَلُّوا علي فإن صلاتَكم تبلغُني حيثما كنتم» يشير بذلك ﵌ إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قرْبِكم من قبري وبُعْدِكم منه فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيدًا.
والأحاديث عنه بأن صلاتنا وسلامنا تعرض عليه ﵌ كثيرة: مثل ما روى أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله ﵌ قال: «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد ﵇» ﵌. (وهذا الحديث على شرط مسلم وحسنه الألباني) ومثل ما روى أبو داود أيضًا عن أوس بن أوس ﵁ أن رسول الله ﵌ قال: «أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة، فإن صلاتكم معروضة علَيَّ»، قالوا: يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرِمْتَ؟ فقال: «إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء». (صححه الألباني) (أرم أي صار رميمًا، أي عظمًا باليًا)
وفي النسائي وغيرِه عنه ﵌ أنه قال: «إن لله ملائكة سياحين في الأرض يُبَلَّغوني عن أمتي السلام» (صححه الألباني).
والعيد إذا جعل اسمًا للمكان فهو المكان الذي يقصد الاجتماع فيه، وإتيانه مرة بعد مرة للعبادة عنده، أو لغير العبادة، كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة، جعلها

1 / 197