امرای بحار در ارتش مصر

جمیل خانکی d. 1400 AH
52

امرای بحار در ارتش مصر

أمراء البحار في الأسطول المصري في

ژانرها

ولما كانت مهمة إنشاء السفن من أعز أماني محمد علي باشا، فقد وقع اختياره على حسن الإسكندراني لتولي إدارة دار صناعة السفن (ترسانة ) في الإسكندرية. وقد كان حسن عند حسن ظن الوالي به، فتولى الإشراف المباشر على تجهيز الأسطول الجديد الذي أنزل إلى البحر سريعا وتكاثرت وحداته فيه حتى حسبت له الدول ألف حساب.

غير أنه ما لبث أن عاد الإسكندراني إلى ركوب البحر، فاشترك في 8 ديسمبر سنة 1831 على ظهر الفرقاطة «شير جهاد» مع الأسطول المصري بقيادة قائده العام عثمان نور الدين باشا في دك حصن عكاء من البحر، وأسهم في خلال سنة 1832 مع العمارة المصرية في حملاتها في جزر الأرخبيل اليوناني، إلى أن استدعاه محمد علي باشا في أوائل شهر أكتوبر وعهد إليه قيادة الفرقاطة رقم 4 ولعلها المسماة «أبو قير».

وقد اقترن شهر سبتمبر سنة 1833 بانقلاب جوهري في حياة حسن الإسكندراني؛ إذ استقر رأي محمد علي باشا على تزويجه من إحدى فتيات قصره عرفت باسم «التفات بنت الغز». وقد كان أبوها عبد الرازق عبد المحسن الغز من أسرة مماليك يرجع نسبهم إلى قانصوه الغوري، وقد لقي حتفه في مذبحة قلعة الجبل في أول مارس سنة 1811، وعلى إثر وفاته استجارت زوجته وبنته - وكان عمرها يتراوح وقتئذ بين ست وسبع سنوات - بالوالي الذي فتح لهما أبواب قصره. ولم ينقض إلا القليل حتى انتقلت الأم إلى رحمة الله، فعهد محمد علي باشا بأمر تربية البنت إلى أوقماش قادن أفندي التي علمتها القراءة. ولما ناهزت «التفات» الخمس والعشرين من عمرها زوجها محمد علي باشا إلى حسن الإسكندراني وكان قد جاوز الأربعين بثلاث سنوات أو أربع. وقد تم عقد القران في قصر رأس التين، وزفت العروس منه إلى دار التمرازية في مركبة من مركبات حرملك الوالي مما دل على منزلة العروسين الخاصة عند محمد علي باشا.

ولم ينجب حسن الإسكندراني إلا ولدا واحدا اسمه محمد عبد المحسن، غير أن هذا الأخير تزوج مرتين: الأولى بعقده على «عصمت بنت عبد الله» وقد رزق منها «علي محسن» الذي توفي حوالي سنة 1872 وهو في الثامنة عشرة من عمره، والثانية بعقده على «جمال فير»، وقد رزق منها: محمد محسن باشا (الذي تزوج مديحة هانم يكن شقيقة عدلي يكن باشا)، وحسن محسن باشا (الذي تزوج الأميرة عزيزة حسن)، وأحمد إبراهيم محسن باشا (الذي تزوج سنية هانم فخري حفيدة محمود نامي زميل حسن الإسكندراني).

وبعد تسعة أشهر من زواجه أقلع حسن الإسكندراني في 28 يونيو سنة 1834 على رأس قوة بحرية إلى يافا، حيث عهد إليه في حراسة الغولت «التمساح» الذي كان يقل محمد علي باشا في رحلته. وبعد بضعة أشهر أخرى أبحر حسن بوحدات أسطوله لتفقد شواطئ سوريا، وكان بمعيته الأمير محمد سعيد باشا ابن محمد علي.

وفي غضون سنة 1835 تولى حسن الإسكندراني قيادة الفرقاطة رقم 3، ولعلها المسماة «الإسكندرية»، والفرقاطتين «مفتاح جهاد» و«البحيرة»، والقرويتين «طنطا» و«جناح بحري»، والغولت «التمساح»، والإبريق «بادئ جهاد» التي عهد إليها بمهمة نقل الذخائر والمؤن من الإسكندرية إلى طرسوس.

وقد استطاع حسن الإسكندراني بما أتاه الله من مقدرة وما عمر به قلبه من إيمان صادق أن يتقرب إلى محمد علي باشا وينال ثقته وتقديره، حتى عينه الوالي في 27 سبتمبر سنة 1835 نائبا لقائد الأسطول، وولاه في أواخر شهر مايو سنة 1837 نظارة البحرية المصرية، وأنعم عليه برتبة الباشوية. ولما توفي السلطان محمود الثاني وخلفه على عرش آل عثمان ابنه السلطان عبد المجيد في سنة 1839، وعين خسرو باشا صدرا أعظم، أقلع الأسطول العثماني إلى الشواطئ المصرية وانضم إلى الأسطول المصري، فوقف حسن الإسكندراني في 14 يوليو سنة 1839 على ظهر الغليون رقم 5، ولعله المسمى «مصر»، على رأس قوة بحرية أمام ثغر الإسكندرية وتلقى من القائد العثماني أحمد باشا فوزي استسلام وحداته التي كانت تألف من تسعة غلايين وإحدى عشرة فرقاطة وخمسة قراويت تحمل 16,107 من الملاحين وآلايين من الجند يبلغ عددهم خمسة آلاف.

وقصة هذا التسليم تتلخص في أن الأسطول التركي أقلع من بوغاز الدردنيل بقيادة القبودان أحمد فوزي باشا لمنازلة العمارة المصرية عقب انتصار إبراهيم باشا في وقعة نزيب في 24 يونيو سنة 1839، وتغلغل الجيش المصري في آسيا الصغرى واحتلاله بيره جك - على ضفة نهر الفرات اليسرى - ثم عينتاب ومرعش وأورفه.

غير أن السلطان محمود الثاني توفي في أول يوليو سنة 1839 وخلفه على عرشه المحفوف بالصعاب نجله عبد المجيد وهو في السابعة عشرة من عمره، فآثر - بناء على مشورة صدره الأعظم خسرو باشا - الجنوح إلى السلم، وأرسل إلى مصر رسولا يدعى عاكف أفندي لمهادنة محمد علي باشا مع تكليفه إعادة الأسطول العثماني إلى قواعده بالآستانة.

ولما كان بين القائد البحري أحمد فوزي باشا والصدر الأعظم خسرو باشا من قديم العداء مثل ما كان بين هذا الأخير وبين محمد علي باشا الذي نافسه في ولاية مصر وأقصاه عنها بعد أن تولاها في سنة 1803، فقد ساورت الشكوك نفس القبودان العثماني وعظمت وساوسه ورأى في استدعائه إلى الآستانة استدراجا لعزل محتوم أو قتل محتمل.

صفحه نامشخص