[120_2]
وحق على مؤازر السلطان أن يبالغ في التخصيص له على ما يزيد سلطانه قوة ويزينه، والكف عما يضيره ويشينه، وخير الإخوان والأعوان أقلهم مداهنة في النصيحة، وخير الأعمال أحمدها عاقبة، وخير النساء الموافقة لبعلها، وخير الثناء ما كان على لسان الأخبار، وخير السلطان ما لم يخالطه بطر، وخير الأخلاق أعونها على الورع، وقد قيل لو أن امرأ توسد النار، وافترش الحيات كان أحق ألا يهنئه النوم، والرجل إذا أحسن من صاحبه بعداوة يريده بها لا يطمئن إليه، وأعجز الملوك آخذهم بالهوينى، وأقلهم نظرا في مستقبل الأمور وأشبههم بالفيل الهائج الذي لا يلتفت إلى شيء، فإن حزبه أمر تهاون به، وإن أضاع الأمور حمل ذلك على قرنائه. وقال: إن كان للملوك فضل في مملكتها، فان للحكماء فضلا في حكمتها أعظم، لأن الحكماء أغنياء عن الملوك بالعلم، وليس الملوك بأغنياء عن الحكماء بالمال.
33 - وقال: ومن ذا الذي غالب القدر، ومن ذا الذي بلغ من الدنيا جسيما من الأمور فلم يبطر، ومن ذا الذي طلب من اللئام فلم يحرم، ومن ذا الذي خالط الأشرار فسلم، ومن ذا الذي صحب السلطان فدام له منه الأمن والإحسان، ولقد صدق الذي قال: مثل السلاطين في قلة وفائهم لمن صحبهم، وسخاء أنفسهم بمن فقدوا من قرنائهم كمثل البغي كلما فقدت واحدا جاء آخر.
34 - وقال: فقد علمتم نتيجة رأيي وصحة فكري، وإن لم آته جهلا به، لأن كنت اسمع من الحكماء قبلي تقول إن الملوك لها سكرة كسكرة الشراب، فالملوك لا تفيق من السكرة إلا بمواعظ العلماء وآداب الحكماء. والواجب على الملوك أن يتعظوا بمواعظ العلماء، والواجب على العلماء تقويم الملوك بألسنتها، وتأديبها بحكمتها، وإظهار الحجة البينة اللازمة لهم، ليرتدعوا عما هم عليه من الاعوجاج، والخروج عن العدل؛ فوجدت ما قالت العلماء فرضا واجبا على الحكماء لملوكهم،
صفحه ۱۲۰