[110_2]
عند أهل العقل أن يقال لا يتفرد برأيه دون استشارة أهل الرأي وقال اعلم أن المستشار ليس يكفيك، وأن الرأي ليس بمضمون، فإن أشار عليك صاحبك برأي لم تجد عاقبته كما تأمل فلا تجعلن ذلك ذنبا، ولا تلزم المشير لوما، فإنه عليه الاجتهاد فيما يشير به ويراه، وأن كنت أنت المشير فعمل برأيك فأصحاب، فلا تمنن به ولا تكثر ذكره، وإن لم يعمل به فأخطأ، فلا تلمه على تركه.
9 - وفي التوقيت لكل شيء ووضع كل شيء موضعه قوله: اعلم أن رأيك لا يتسع لكل شيء، ففرغه للمهم، وأم مالك لا يغني الناس كلهم، فاختص به ذوي الحقوق، وأن كرامتك لا تطيق العامة فتوخ بها أهل الفضائل، وأن ليلك ونهارك لا يستوعبان حاجتك، وإن دأبت فيهما، وأنه ليس لك إلى أدائها سبيل مع حاجة جسدك إلى نصيبه من الدعة، فأحسن قسمتها بين دعتك وعملك.
واعلم أنك ما شغلت من رأيك المهم أزرى بالمهم، وما صرفت من مالك بالباطل فقدته حين تريده للحق، وما عدلت به من كرامتك إلى أهل النقص أضربك في العجز عن أهل الفضل، وما شغلت مت ليلك ونهارك في غير الحاجة أزرى بك في الحاجة.
10 - ومنها في طبقات الملك: اعلم أن الملك ثلاثة: ملك دين، وملك حزم، وملك هوى، أما ملك الدين فإنه إذا أقيمك لأهله دينهم، وكان دينهم هو الذي يعطيهم مالهم، ويلحق به الذي عليهم أرضاهم، ونزل الساخط منهم منزلة الراضي في الإقرار والتسليم؛ وأما ملك الحزم، فإنه يقون به الأمر، ولا يسلم من الطعن والتسخط، ولن يضر طعن الذليل مع حزم القوي؛ وأما ملك الهوى فلعب ساعة ودمار دهر.
11 - وفي المبالغة الحرص على الإخوان قوله: اعلم أن إخوان الصدق هم خير مكاسب الدنيا: زينة في الرخاء، وعدة في الشدة، ومعونة في المعاش والمعاد، فلا
صفحه ۱۱۰