يرفع الصحاف ويضع غيرها مليئة بسائر أنواع اللحوم، ووضع إلى جوارهما كئوسا ذهبية، بينما كان الساقي يذرع المكان جيئة وذهابا، يسكب لهما الخمر.
بعد ذلك، دخل العشاق المتغطرسون، وجلسوا صفوفا فوق الكراسي والمقاعد العالية. وراحوا الخدم يصبون الماء فوق أيديهم، وأخذت الإماء يكومن الخبز أمامهم في أسفاط، والشبان يملئون الطاسات بالشراب حتى الثمالة، فمدوا أيديهم إلى المباهج الطيبة الموضوعة أمامهم. والآن بعد أن أشبع العشاق رغبتهم من الطعام والشراب، تحولت قلوبهم إلى أمور أخرى، إلى الغناء وإلى الرقص؛ إذ إن هذه الأشياء هي ما يتوج الوليمة. وجاء خادم فوضع القيثارة الجميلة في يدي فيميوس
،
24
الذي راح يغني على كره منه وسط العشاق، وأخذ يضرب الأوتار بما يتفق ونغمة أناشيده وصوته العذب.
تيليماخوس والغريب ... في حديث
أما تيليماخوس، فتحدث إلى أثينا، ذات العينين اللامعتين، وقد اقترب منها برأسه، حتى لا يسمعه الآخرون، فقال: «أيها الغريب العزيز، هل تغضب مني بسبب ما سأقوله لك؟ يهتم هؤلاء الرجال بمثل هذه الأشياء، القيثارة والغناء، اهتماما بالغا، طالما أنهم يلتهمون طعام غيرهم سحتا، طعام رجل، ربما كانت عظامه البيضاء متعفنة في الأمطار، وهي ملقاة فوق اليابسة، أو تدحرجها الأمواج في البحر. ولو أبصروا به عائدا إلى إيثاكا، لتمنى كل واحد منهم أن يكون أكثر سرعة في الهرب، منه في الثراء بالذهب واللباس. بيد أنه ها قد هلك الآن بقدر مشئوم، ولا سبيل لنا إلى أية راحة. كلا، حتى ولو قال رجل ما، على ظهر الأرض، إنه سيحضر، لقد فات يوم عودته. أما الآن، فتعال، أخبرني، وصارحني الصدق في القول، من من الناس أنت، ومن أين قدمت؟ أين بلدك، وأين أبوك؟ على أية سفينة حضرت، وكيف جاء بك الملاحون إلى إيثاكا؟ ماذا أخبروك عن أنفسهم؟ فما أظنك، قد أتيت إلى هنا ماشيا على قدميك بحال ما. وأخبرني بالصدق عن هذا أيضا، كي أعلم يقينا، هل هذا هو أول مجيء لك إلى هنا، أم أنك، بحق، صديق قديم لبيت أبي؟ فإن أغرابا كثيرين قد جاءوا إلى بيتنا؛ لأن أبي كذلك كان قد ذهب إلى هنا وإلى هناك بين الناس.»
عندئذ ردت عليه الربة، أثينا ذات العينين النجلاوين، بقولها: «إذن بالحق سأخبرك صراحة بكل شيء. إنني مينتيس بن أنخيالوس
Anchialus
الحكيم، وإنني سيد على التافيين
صفحه نامشخص