وأيضا إن وضع عرض يوجد له ضد ما، فينبغى أن ننظر هل 〈القابل للعرض قابل لضد هذا العرض، لأن الشىء الواحد يقبل الأضداد. فلو قيل مثلا إن البغضة تتبع الغيظ، فإن البغضة ستكون فى الجزء الغضبى من النفس لأن فيها الغيظ، ولهذا ينبغى أن ننظر هل〉 ضده أيضا الذى هو المحبة فى الجزء الغضبى. وذلك أن المحبة إن لم تكن فيه، لكن كانت فى الجزء الشهوانى من النفس فليس يتبع البغضة الغيظ. وكذلك إن قال قائل إن الجزء الشهوانى يجهل، وذلك أنه إن كان قابلا للجهل فهو قابل أيضا للعلم. وليس يظن أن الجزء الشهوانى قابل للعلم، بل الذى يقبله الجزء الناطق. فقد ينبغى كما قلنا، للذى يريد أن يبطل، أن يستعمل هذا الموضع. فأما الذى يريد أن يثبت، فليس ينتفع به فى أن يتبين أن العرض يوجد. فأما أن نبين أنه يمكن أن يوجد، فينتفع به، وذلك أنا إذا بينا أنه ليس تقابل للضد، نكون قد بينا أن العرض ليس يوجد، ولا يمكن أن يوجد. وإن نحن بينا أن الضد موجود، أو أن القابل للضد موجود، لم يكن بينا بعد أن العرض أيضا موجود، لكنه إنما يكون قد تبين فقط أنه يمكن أن يوجد.
[chapter 26: II 8] 〈مواضع أخرى〉
ولأن المتقابلات أربع، ينبغى للمثبت والمبطل أن ينظر: أما من التناقض فبالعكس من اللزوم، وينبغى أن يأخذه من استقرى النظائر: مثال ذلك أنه إن كان الإنسان حيا، فما ليس بحى ليس بإنسان. وكذلك يجرى الأمر فى الآخر. وذلك أن اللزوم فى هذا الموضع بالعكس، لأن الحى يلزم الإنسان، وما ليس بحى ليس يلزم ما ليس بإنسان،لكن الذى يلزم عكس ذلك، أعنى أن ما ليس بإنسان يلزم ما ليس بحى. ففى جميع ما يجرى هذا المجرى هكذا ينبغى أن نسأل: مثال ذلك أن الحسن إن كان لذيذا فما ليس بلذيذ ليس بالحسن؛ فإن لم يكن هذا، ولا ذاك يكون. وكذلك أيضا: إن كان ما ليس بلذيذ ليس بحسن، فالحسن لذيذ. فمن البين أن اللزوم فى التناقض إذا رجع على العكس رجع بالتكافؤ فى كليهما.
صفحه ۵۲۲