وليس يرون أن كل ما كان كليا فهى مقدمة جدلية — مثال ذلك قولنا: ما هو الإنسان؟ أو على كم نحو يقال الخير؟ فإن المقدمة الجدلية هى التى للمجيب أن يجيب عنها بنعم أو لا. فأما الأشياء التى تقدم ذكرها فليس الأمر فيها كذلك. ولذلك صارت أمثال هذه المسائل غير جدلية. اللهم إلا أن يكون السائل يأتى بها إما عند تحديده، أو تقسيمه — مثال ذلك أترى الخير كذا يقال، أم كذا؟ وذلك أن الجواب عن أمثال هذه المسائل يسهل، إذ لا بد فى الجواب عنها إما ب«نعم» أو ب«لا». ولذلك قد يجب أن يكون ما تأتى به من أمثال هذه المقدمات على هذه السبيل. ومع ذلك فلعله من الإنصاف أن يطالب المجيب بأن يخبر بكم نحو يقال الخير، متى كنت أنت إذا قسمت وأتيت بالحجة لم تساعد ولم يسلم لك.
والذى يسأل عن شىء واحد سؤالا دائما فهو غير مصيب، من قبل أن المجيب أن أجاب السائل عما يسأل عنه فقد علم أنه إما أن يكون قد سأل مسائل كثيرة، أو كرر السؤال عن شىء واحد بعينه مرارا كثيرة. ولذلك إما أن يكون يهذر فى القول أو ليس يتأتى له قياس. وذلك أن كل قياس إنما يتألف من مقدمات يسيرة. فإن لم يجبه عما يسأل عنه، فذلك إما لأنه لا يتهيأ له توبيخ، وإما لأنه يروغ.
[chapter 72: VIII 3] 〈صعوبة الحجج الجدلية〉
صفحه ۷۰۳