201

طوپیقا لأرسطوطالیس

طوپيقا لأرسطوطاليس

ژانرها

وينبغى أن نبحث عن جميع الأقاويل كما قلنا، ونجعل ذلك على التفصيل هكذا: أما أولا فإن الجنس الموفى قد وفى على الصواب. وذلك أن الضد إن كان فى الضد، ولم يكن الموضوع فى واحد بعينه، 〈فمن البين أنه سيكون فى الجنس المضاد، لأن المتضادين هما بالضرورة إما فى جنس واحد بعينه〉 أو فى جنسين متضادين. والفصول المتضادة بحق ترى أن تحمل على المتضادات: بمنزلة الأبيض والأسود، فإن هذا جامع للبصر وذاك مفڗق للبصر. فيجب، إن كانت الفصول المتضادة تحمل على الضد، أن تكون الفصول الموصوفة أيضا [أن] تحمل على الموضوع. فلأن الجنس والفصول قد وفيت على الصواب، فمن البين أن القول الموفى يكون تحديدا. إلا أنا نقول أنه ليس من الاضطرار أن يكون الفصلان المتضادان يحملان على الضدين ما لم يكن الضدان فى جنس واحد بعينه. والشيئان اللذان جنساهما متضادان فليس مانع [أن] يمنع من أن يكون يقال على كليهما فصل واحد بعينه، مثل ما يقال على العدل والجور: وذلك أن ذاك فضيلة للنفس، وهذا رذيلة للنفس. فللنفس فصل يقال فى كليهما، لأن البدن أيضا له فضيلة ورذيلة. إلا أن هذا حق، لأن المتضادين إما أن يكون فصلاهما متضادين أو يكونا شيئا واحدا. فإنه إن كان الفصل المضاد يحمل على الضد وعلى هذا لا يحمل، فمن البين أن الفصل المذكور يكون يحمل على هذا. وبالجملة أقول: إنه لما كان التحديد من جنس وفصول، فإنه تحديد الموضوع يكون بينا. وذلك أنه لما كان الضد فى جنس واحد بعينه أو فى ضده، كانت الفصول مثل ذلك: إما متضادة تحمل على متضادة، أو واحدة بعينها. فمن البين أن الموضوع: إما أن يكون يحمل عليه جنس واحد بعينه وهو جنس ضد، وتكون الفصول متضادة: إما كلها، وإما أن يكون بعضها كذلك والباقية واحدة بعينها أو بعكس ذلك، أعنى أن تكون واحدة بعينها والأجناس متضادة؛ — أو تكون الأجناس والفصول جميعا متضادة، وذلك أنه ليس يمكن أن تكون جميعا واحدة بعينها، وإلا صار تحديد المتضادات واحدا بعينه.

وننظر أيضا من التصاريف والنظائر لأنه واجب ضرورة أن تتبع الأجناس للأجناس والحدود للحدود. — مثال ذلك أن النسيان إن كان تلف العلم، فأن ينسى الإنسان هو أن يتلف العلم؛ وأن قد نسى الإنسان هو أن قد أتلف العلم. فواحد من هذه التى وصفت أى شىء منها إذا اعترف به فواجب ضرورة أن يعترف بالباقية. وعلى ذلك المثال إن كان الفساد هو انحلال الجوهر، فأن يفسد هو أن ينحل الجوهر؛ وأن ما يكون على جهة الفساد هو ما يكون على جهة انحلال الجوهر، إن كان المفسد هو المحلل للجوهر، والفساد انحلال الجوهر. وكذلك يجرى الأمر فى الباقى. فيجب أن يكون إذا أخذ واحدا منها — أى واحد كان — أن يعترف بالباقية كلها.

وينبغى أن ينظر، أيضا من الأشياء التى حال بعضها عند بعض حال متشابهة. وذلك أن المصحح إن كان فاعلا للصحة فالذى يخصب البدن هو الفاعل للخصب، والنافع هو الفاعل للخير. فإن كل واحد مما وصفنا، حاله عند غايته التى تخصه حال متشابهة. فإن كان تحديد واحد منها أنه فاعل لغايته، فإن التحديد لكل واحد من الباقية يكون واحد بعينه.

صفحه ۶۸۳