وليس ينبغى لنا أن نبحث عن كل مسئلة، ولا عن كل وضع؛ لكن يجب أن يكون بحثنا عما شك فيه شاك مما يحتاج فيه إلى قول، لا إلى عقوبة أو حس. وذلك أن الذين يشكون فيقولون: هل ينبغى أن يعبد الله، أم لا؟ وأن يجب أن يكرم الوالدان أم لا؟ يحتاجون إلى عقوبة. والذين يشكون فيقولون: هل الثلج أبيض، أم لا؟ — يحتاجون إلى حس. ولا يجب أن يتشكك أيضا فيما كان البرهان عليه قريبا جدا، ولا فيما كان البرهان عليه بعيدا جدا، فإن ذاك ليس فيه شك، وهذا أبعد كثيرا من أن يكون مقدمة يرتاض بها.
[chapter 12: I 12] 〈البرهان والاستقراء الجدليان〉
وإذ قد لخصنا هذه الأشياء فينبغى أن نميز وننظر كم أنواع الأقاويل المنطقية. فنقول: إن أنواعها نوعان: أحدهما استقراء النظائر، والآخر قياس. وقد قلنا ما القياس فيما تقدم.— و〈أما〉 الاستقراء فهو الطريق من الأمور الجزئية إلى الأمر الكلى — مثال ذلك أنه إن كان الربان الحاذق هو الأفضل، فالأمر كذلك فى الفارس؛ فيصير بالجملة الحاذق فى كل واحد من الصنائع هو الأفضل. والاستقراء هو أكثر إقناعا وأبين وأعرف فى الحس، وهو مشترك للجمهور. فأما القياس فهو أشد إلزأما للحجة وابلغ عند المناقضين.
صفحه ۴۸۷