طوپیقا لأرسطوطالیس

ابو عثمان دمشقی d. 305 AH
186

طوپیقا لأرسطوطالیس

طوپيقا لأرسطوطاليس

ژانرها

وأيضا إن كان الواصف للشىء لا بالذات، لكن بالعرض، وصفه وصفا صحيحا، فإن كل واحد من المضافات ليس يقال بالقياس إلى واحد، بل بالقياس إلى كثيرين. وذلك أنه ليس يمنع مانع من أن يكون شىء واحد بعينه موجودا وأبيض وخبزا. فيجب من ذلك أن يكون من وصفه بالقياس إلى أى واحد من هذه على الصحة وصفه، إن كان الواصف بالعرض على الصحة وصف — وأيضا فليس يمكن أن يكون مثل هذا القول خاصا للشىء الموصوف، وذلك أنه ليس الطب فقط، بل كثير من العلوم الباقية، يقال بالقياس إلى موجود، فيصير كل واحد منها علما لموجود. فمن البين أن هذا لا يكون لعلم من العلوم تحديدا، لأن التحديد يجب أن يكون خاصا، لا عاما.

وربما لم يحدوا الأمر، لكن الذى له الأمر، على ما ينبغى، أو الذى له الأمر كامل بمنزلة حد الخطيب وحد السارق، إذ كان الخطيب هو الذى يمكنه فى كل واحد أن يعلم الإقناع ولا ينقصه فى ذلك شىء، والسارق هو الذى يأخذ الشىء سرا. وذلك أنه بين أن كل واحد من هذين إذا كان بهذه الحال، فإن الواحد يكون خطيبا حاذقا، والآخر سارقا حاذقا. وذلك أنه ليس من يأخذ الشىء سرا هو السارق، لكن الذى يريد أن يأخذه سرا.

وينظر أيضا إن كان وصف ما هو ماثور لنفسه على أنه محدث أو فاعل أو بأى حال كان مؤثرا من أجل غيره، بمنزلة ما يصف العدل بأنه حافظ النواميس، أو الحكمة بأنها فاعلة للسعادة. وذلك أن الحافظ والفاعل إنما هما مأثوران من أجل غيرهما. إلا أنا نقول إنه ليس يمنع من أن يكون المأثور من أجل نفسه مأثورا أيضا من أجل غيره. إلا أن من حد المأثور من أجل نفسه بهذا الوجه ليس خطؤه بالدون. وذلك أن الأفضل لكل واحد إنما هو فى جوهره خاصة. والمأثور من أجل نفسه أفضل من المأثور من أجل غيره. فعلى هذا كان يجب أن يدل الحد أكثر.

صفحه ۶۶۴