أقارب يزيدون على ثلاثمائة نفس. وأول من ساد منهم أبو العباس أحمد بن محمد ابن موسى بن الفرات، وكان حسن الكتابة، ظاهر الكفاية خبيرًا بالحساب والأعمال، متقدمًا على أهل زمانه في هذه الأحوال. فحدث محمد بن أحمد ابن أبي الأصبغ قال: ورد علي من أبي العباس بن بسطام كتاب بالترجمة احتجت إلى عرضه على أبي القاسم عبيد الله بن سليمان، وهو إذ ذاك وزير المعتضد بالله رحمة الله عليه، فحضرت مجلسه، وفيه أبو أحمد بن يزداد وجعفر بن محمد بن حفص، وعرضت عليه ما كان ورد، وأمرني في جوابه بما رسم لي كتبه في مجلسه. فاستدعيت دواتي وجلست وراء مسنده وتشاغل بمسألة أبي أحمد وابن حفص عن أمور الأعمال والأموال، فما فيهما من أجابه بما شفاه، فطلب أبا الحسن علي بن محمد بن الفرات وهو محبوس يومئذ مع أبي العباس أحمد أخيه، وقد لحقتهما مكاره، وعلق أبو العباس بحبال في يديه بقيت آثارها فيهما مدة حياته، وصودر على مائة وعشرين ألف دينار صح منها ستون، فجيء به من محبسه يرسف في قيوده، وعليه جبة دنسة وشعره طويل، فلما مثل بين يديه قال: الله الله أيها الوزير. وجعل يشكو ما أصابه وأصاب أبا العباس أخاه من المكاره. وفرائصه ترعد، فسكنه عبيد الله بن سليمان وقربه، وأجلسه وخاطبه بما أزال به روعه وخوفه. ثم خاطبه في المسألة عن أمر الأعمال والعمال، فانبسط أبو الحسن انبساط رجل جالس في الصدر، وأخذ يقول: ناحية كذا مبلغ مالها كذا، وقد حمل منه كذا وبقي كذا وعاملها مستقيم الطريقة، وناحية كذا على صورة كذا، وعاملها غير مضطلع بها وينبغي أن يستبدل به فيها. وناحية كذا على حال كذا، وعاملها ضعيف وينبغي أن يشد بمشارك أو مشارف.
1 / 12