تحفة الأعيان لنور الدين السالمي

Nooruddin Al-Salmi d. 1332 AH
148

تحفة الأعيان لنور الدين السالمي

تحفة الأعيان لنور الدين السالمي

ژانرها

وأعلم أنك قادم على رعية قد رعاها رعاة قبلك وأفضل منك ما أنت قادم عليه وأن تأمرهم بطاعة الله وتعمل بها فيهم وتدعوهم إلى الوفاء بعهد الله وتفي به لهم وتحطهم على شرائع الإسلام والرضا بالحلال وترك الحرام , وأن يعلموا بفرائض القرآن فيما ساءهم أو سرهم أو نفعهم أو ضرهم , وأن يسمعوا ويطيعوا لمن ولاه الله أمرهم فيما أطاع الله فيه؛ وأن يتعاونوا على البر والتقوى , ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان , وأن تعدلوا بالحق وتجتمعوا على العدل وتوادوا أهل الطاعة ولا توادوا أهل المعصية فإن الله يقول ( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ) فمن كان من الله وجد فيه بعث الله للمؤمنين وأزجرهم عن العصيان والحميات فإنها من صفات الجاهلية فإنه عن ذلك , وقدم فيه أخمد ذلك واطفه؛ وحذرهم الفتنة والبغي والضغائن والفساد والحقد والهمز واللمز لبعضهم البعض , فإن ذلك يورثهم الإحن فيما بينهم وترك ذلك عونا لهم على سلامة الصدور وصلاح ذات البين , واشدد عليهم في الانتهاء عن مشارب الحرام ومجالس الخوض واللعب واللهو والباطل والسفه والجهل والظلم والخيانات؛ وآمرهم بعمارة مساجدهم وتقديم أهل الفضل والصلاح للإمامة في صلاتهم؛ فمن قيل ما أوصيته به وأجاب دعوتك واستقام على ذلك فاخفض لأوليائك جناحك؛ وألن لهم جانبك وأقبل منهم وأحسن إلى محسنهم , ومن كره قبول العافية وأعرض عن الدعوة وخالف الحق وترك السنة وركب المعصية؛ فشمر لأولئك عن الساق وأحسن لهم عن ذراع وأبسط عليهم من العقوبة ما يستحقونه بأحداثهم وأنزلهم حيث أنزلهم الحق فإن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير ) وأنزل الناس منك منازل على قدر منازلهم من الخير والشر , ولينفع بذلك أهل المعروف وليضر أهل الباطل والمنكر فعلهم عندك , وشاور من يخاف الله تعالى في أمرك وشاركهم في عنايتك فإنك تحتاج إليهم ولا غنى لك عنهم , واتخذهم لسرك ولمشورتك ولا تأخذ تعديل الناس إلا بالثقات الذين لا شبهة في صلاحهم , ولا يختلف في عدلهم فأولئك فاسأل وعنهم فاقبل , واحذر أهل الدنيا الذين تخاف مكرهم ولا تأمن شرهم وغدرهم , ولا تقم شيئا من الحدود قبلك ولا تحكم بين الناس في القصاص ولا في الارش ولا في الأموال ولا في النكاح ولا في الطلاق ولا في عتاق حتى ترفع ذلك إلى , وكلما اشتبه عليك شيء من الحكم فيما بين الناس فقف ولا تتقدم عليه حتى تشاورني فأنظر فيه أنا ومن معي من أهل الرأي ثم أطلعك من ذلك على ما أرجو به السلامة , فإن ذلك أسلم لي ولك إن شاء الله.

وأنصف الضعيف من القوى , والفقير من الغني , والعبد من المولى , وكل حق صح معك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك , ولا تكن فظا غليظ القلب من كثرة المعاني ولا محتجا عن مطالب الحق والضعفاء واليتامى , واجعل للنساء حظا من خلوتك فإن لهن أسرارا أنت موضعها , واصبر نفسك لذلك ولا تضجر من كثرة المعاني؛ ولا تحكم بين الناس وأنت غضبان؛ ولا تبع ولا تتبع في ولايتك شيئا إلا مالا بد منه من بيعه ومن طعام الصدقات من غير أن تجبر أحدا يشتري منك شيئا , ولا تعلم أحدا أنه متخذ بذلك عندك يدا , ولا تجبر أحدا يحمل طعاما من بلد إلى بلد استكراها منك لهم , ولا تقبل من أهل ولايتك الهديات ولا تجبهم إلى الدعوات , وأمر بذلك ولاتك وأصحابك فإن ذلك من المعائب, ولا يدعو إلى الأدهان والإصغاء والركون إلى الهوى , فأعاذنا الله وإياك من الشيطان وفتنته.

صفحه ۱۵۷