قلنا: لا يخلو إما أن يكونوا عقلوا أدلة الاستخلاف أم لا. إن كان الأول فقد صرح بحكمهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله فلا تقدموهما فتهلكوا وإن كان الثاني فخطأ معفو عنه، لقوله تعالى : {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به} ولم يفصل بين خطأ وخطأ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان. ومن طالع الأخبار مع صفاء قلبه من مكدرات الهوى واللجاج علم أنهم لم يجهلوا ذلك أصلا، وقد صرح عمر بأن بيعة أبي بكر كانت فلته، وقد روي عن عمر الإعتراف بالنص في علي عليه السلام ولكن من طريق الآحاد والمتأمل يظهر له أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمر عليا عليه السلام بقتال غير الناكثين والقاسطين والمارقين حيث أمسك يده عن قتالهم مع تمكنه من حربهم لما دعاه أبو سفيان والعباس وميل الأنصار إليه (ولما تداعت العرب على عثمان ومن تطلب الأعذار وجد في غير حق ابن آكلت الأكباد مع قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ويح عمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار)(1). وغير ذلك بل ذكر في التحفه العنبريه لأبي علامة رضوان الله عليه ما لفظه، قال القاضي أبو محمد يحيى بن يوسف الحجوري في كتابه المذكور أولا وبالإسناد عن عيسى بن قرة، قال أتى رجل زيد بن علي عليه السلام فقال: يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إن تكن الرجل الذي ينتظرك الشيعة خرجت معك فجاهدت بنفسي ومالي وإن لم تكن هو لم أتعجل بالبلى، فإنه لا طاقة لي بالبلى، فقال له زيد: لقد سألتني عن أمر ما سألني عنه أحد قبلك قط أعده علي، فأعاده عليه ثلاثا، ثم نكس زيد رأسه فنكت في الأرض ثم رفع رأسه. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عهد إلى علي بن أبي طالب عليه السلام أن يلزم بكلكل الأرض حتى يقتل عثمان، فلما قتل عثمان دعا إلى كتاب الله وطلب حقه وأظهر حجته فقتل، ثم قام الحسن عليه السلام فدعا إلى كتاب الله وطلب حقه وأظهر حجته فسم، ثم قام الحسين عليه السلام فدعا إلى كتاب الله وطلب حقه وأظهر حجته فقتل، وأخرج غدا فادعو إلى كتاب ربي وأطلب حقي وأظهر حجتي، فأقتل وأنا حجة قائمة لآل محمد عليهم السلام على بني أمية لئلا يقولوا لم يجيء لهذا الأمر منكم أحد يطلبه.
فإن قيل: فحكم أبي بكر في فدك صحيح حيث حكم باجتهاده.
قلنا: إذا ثبت عصمة فاطمة رضي الله عنها لا سيما مع شهادة علي عليه السلام وأم أيمن، فلا وذلك لعدم المنازع فلا حكم سلمنا فمع صحة إمامته فيكون هو المنازع ليس الحكم إليه، وأما خبره المحتج به أنا معاشر الأنبياء لا نورث ففي النفس من صحته شيء على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: أقضاكم علي، وعلي عليه السلام ينكر على أبي بكر هذا القضاء وهذا الخبر، وخبر الأئمة من قريش وخبر إمامة أبي بكر في مرضه صلى الله عليه وآله وسلم مما انفرد بها أهل ذاك البيت، وأنكر الأئمة من قريش الأنصار ومجموع الثلاثة بنو هاشم والله أعلم.
صفحه ۴۴