ولنا: قوله سبحانه وتعالى: {وما هم بخارجين من النار} وعدم الخروج يقضي ببقاء المحل وقوله تعالى: {أأنت تنقذ من في النار} بمعنى الإنكار، وقوله تعالى: {لا يقضى عليهم فيموتوا} {وماهم منها بمخرجين}، وغير ذلك، (وجهل للنعم) في الدنيا والآخرة التي هي من الرحمة والعفو والمغفرة فهو سبحانه لم يزل رحيما في الدنيا رحيما في الآخرة لأهل رحمته، وقوله تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون}، (قال سبحانه: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}) فإن قبول التوبة إلى الممات من جميع الذنوب والستر في الدنيا لعدم المؤاخذة فيها والأرزاق والأمراض وخلق الإنسان في أحسن تقويم وزينته بالعقل الذي يميز به بين المضار والمنافع وغير ذلك من النعم التي لا تحصى (وما ورد عن بعض الآل) روى عن أمير المؤمنين عليه السلام (من نحو اللهم احملني على عفوك ولا تحملني على عدلك وما شابه ذلك) من الأدعيات المأثورة والمحامد المصدورة (فبالنظر إلى قدر النعم وكون منتهى الأعمال لا توازي البعض من نعم ذي الجلال) كما قدمنا فإن الجنة لا تكون ثمنا لعمل العاملين ومن التجاوز تفضل الله بكتب الحسنة عشرا وغير ذلك (وطلب الضروري من هذه العمومات) أي عمومات الوعد والوعيد (مفقود) أي غير حاصل وذلك ان آيات الوعيد مخصوصة باستثناء التايب والصغاير وقد ذهب بعض الأصوليين إلى أنه يصير العام بعد ذلك مجملا ونص في المعيار والمنهاج على كونه مجازا بعد التخصيص والمجاز دلالته ظنية، وقال الإمام المهدي في شرح المقدمة الكلامية وكل لفظ دل على الحكم بمجازه لا بحقيقته فهو ظني إذ لا يوجب القطع وقيل لا نسلم أن دلالة المجاز ظنية على الإطلاق بل إذا كانت قرينته ضرورية أو جلية كانت دلالته قطعية فليتأمل وقد صرح به غير واحد من المحققين اللهم إلا أن يكون الوعيد غير دال على العموم كقتل المؤمن بغير حق فإنه لا سبيل إلى تظنينيته ببقاء دلالته الحقيقية وكذا ما كان فيه حق لآدمي فليس بمتروك ولذا قال أمير المؤمنين عليه السلام: الظلم ثلاثة ظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب، فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، قال سبحانه وتعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك) وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات، وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا القصاص هناك شديد ليس هو جرح بالمدى ولا ضربا بالسياط ولكنه ما استصغر ذلك معه.
صفحه ۳۱