فى شهر جمادى الأولى. وفيها قصد منصور بن جماز أمير المدينة المنورة قتادة بن إدريس صاحب بنبع فلم يل مته مراما، فانكفأ عنه راجعا بعد أن كان فى أخذ بلده طامعا . وفيها عادت رسل أوشين متملك الأرمن وخالته الوافدة إلى الأبواب الشريفة مشمولين بالصدقات السلطانية، ومما اتفق لمولانا السلطان من السعادة والتمكين الذى لم يتفق لغيره من الملوك المتقدمين أنه كان قد وفد إلى أبوابه أبو يحيى زكريا بن أحمد المغربى المعروف باللحيانيى ملتجثا إليه وفارا ممن قصد أن يعدو فى بلاده عليه، فأكرمه وحباه وقربه و أدناه وأرسله إلى الحجاز الشريف حسب سؤاله مزودا بالإنعام، محبوا بالعطايا الفرادى والتؤام . فلما رجع من الحج سأل العودة إلى بلاده وبينه ال وبيها مفاوز مخيفة ها طوائف من الآعراب كثيفة. فالتمس إصحابه يجيش من العساكر السلطانية لتوصيله إلى بلد آفريقية، فرسم مولانا السلطان بتجريد جماعة من آمراثه وجنده لتوصيله وتبليغه إلى مأمنه ومأموله، فشرط على فسه أنه إن فتح الله عليه البلاد وبلغه منها المرام والمراد، أقام نفسه بها مقام غلام من غلمان الدولة ونائب فى أقاليم المغرب، فلما كتب الله سلامته حرمة مولانا السلطان وسعادته ، وأقبل على أطراف البلاد وسمع الناس أن معه جمعا من الأنجاد والأجناد، عظم قدره فى تفوس الخواص والعوام وقالوا قد أمده سلطان الإسلام، فأهر عوا إليه وأهطعوا وأقلوا نحوه، وأسرعوا ومهدوا له قبل وصوله، وقبضوا على خالدصاحب مجاية وبادروا بتحصيله) وتكبيله، وأعطوا أبا بحيى آيديهم يالبيعة أولا فأولا، فتمكنت قواعده ونجحت مقاصده. وكان بافريقية نائا وخرج منها هاربا، فصيرته سعادة مولانا السلطان لها مالكا وفيها فاتكا، ودخل تونس والسنجق المنصورى الناصرى خافق على رأسه وقد استشعر الناس خوف بأسه . وكان دخوله إلها قى شهر رجب وخطب له على منابرها وآذعن لطاعته جميع آكابرها . وكانت نسخة البيعة له : " الحمد لله الذى جعل الخلافة سببا لصلاح الجمهور وضياء ونورا نصلح به عواقب الأمور وأهداها طريقة وأفضلها حقيقة أن يتولاها أهل الديانة والحسب والمتصب العلى الجامع بين فضيلى النسب والسبب المكمل لطريقى العلم والأدب ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة
صفحه ۲۲۹