فعل ذلك ثلاثا وهو يسكت حال الفعل، وبينه بعد الفراغ وبعد الثلاثة قال له الأعرابي: يا رسول الله، علمني فإني لا أحسن غير هذا، فأخبره ﷺ بقوله: " اركع حتى تطمئن راكعا " إلخ ... والقضية معلومة.
وكسكوته ﷺ عن ذمي يجتاز لمصلاه فنسكت كما سكت. فالسكوت إذا على قسمين:
إن كان المسكوت عنه جائزا اقتدينا به في السكوت بأن نسكت عمن فعل جائزا، واقتدينا به في السكوت عنه بعملنا له، أو اعتقادنا حليته.
وإن كان السكوت عنه ممنوعا سكتنا فقط كما سكت.
فإن قلت: أما الأول فظاهر صحة سكوته ﷺ عنه، فكيف سكوته فيما بعده؟
قلنا: أما في المصلي فإن السكوت المعقب بالتنبيه على حرمة الفعل لا يوجب لبس جوازه، فمن ثم كان ﷺ فعله مع ما فيه من الفائدة الإرشادية بأن العلم نفيس يبذل للسائلين، فلذلك لم يعلمه ﷺ حتى سأله.
وفيه معاقبة من يقدم على الأمر بلا علم فلذلك أتعبه، ثم بعد الفراغ يقول له أعد. مع ما في البذل لمن لم يسأل من خوف التعنت، والاستكبار، فأرشد أمته لأحسن الأمور ﷺ.