أللدين والدنيا تظل تفجع .... أم أنت على الداعي تبكي وتجزع
وكانا به حيين طول حياته .... فقد أصبحوا أمواتا جميعا وودعوا
فإن أبك لا أبكي عليه تكلفا .... وإن أصطبر عنه فلصبر أوجع
ففقدانه أنسى فؤادي عزاءه .... وعلمني من بعده كيف أجزع
لقد أمنت نفسي الرزايا فلا أرى .... وإن جل خطب بعده أتوجع
فقم فانعه للشرق والغرب معلنا .... فقد وقع الخطب الذي يتوقع
فلا رزء - إلا رزؤه - منه أفظع .... ولا يوم إلا يومه منه أشنع
أصيب به الإسلام فانهد عرشه .... وأضحت له أركانه تتضعضع
عفت سبل المعروف بعد محمد .... وغادر وهنا في العلى ليس يرفع
ومات فمات الحزم والبأس والندى .... ومن كان في الدنيا يضر وينفع
وزال لمثواه عن أمة جده .... وعترته طود من العز أمنع
تحوطهم كف عليهم شفيقة .... وعين له إن يهجعوا ليس تهجع
تفرق من بعد التآلف شملهم .... وكان به شمل النبوة يجمع
تساوى الورى في هلكه بعد ملكه .... فكلهم فيه معزى مفجع
فلم أر إلا ضاحكا في حياته .... ومذ مات إلا باكيا يتوجع
فلا عذر إذ لم يدفع الموت دونه .... وكنا به ريب الحوادث ندفع
على أنه لو شاء نجاه سيفه .... وطرف كلمح البرق أو هو أسرع
ولكن أبى إلا التأسي بعصبة .... من آل رسول الله بألطف صرع
ولما رأى أن الفرار خزاية .... وإن سبيل الموت للحر أوسع
فأرسا جنانا لا يهال إلى الردى .... ولا هو مما يفزع الناس يفزع
فما زال يحمي عرضه وذماره .... ويشرع في حوض المنايا ويكرع تناهبه زرق الظباء حشاشة .... لها سائق منه إلى الموت أسرع
صفحه ۱۹۵