التحف والظرف
للشيخ الديلمي
بسم الله الرحمن الرحيم
"مقدمة المؤلف" قال محمد بن أحمد بن عبد المغيث بن محمد بن إبراهيم بن محمد التميمي الدارمي الكاتب: الحمد لله شكرًا لنعمته، وتعرضًا لمزيده، وإخلاصًا لتوحيده، حمد من علم أن ما به من نعمة ربه، وأن ما مسه من عقوبة فبما كسبت يده، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم.
وصلت رقعتك أطال الله بقاك، وأتم نعمتك، تذكر تشوقك إلى النظر في شيءٍ من الشعر الموشح وغيره من السرو والشجر الذي يقرأ في كل جانب شعرًا، إذ أغفله المتقدمون لنا، لكن بمقدار ما سنحته الهمة لكل فاضل منهم، وقد عملت لك في ذلك كتابًا ملخصًا وأودعته من الشعر الموشح الذي ضمنت موشحاته من الحديث المشهور عن النبي ﷺ، والمثل السائر والحكاية والمناظرة والنادرة من السرو والشجر الذي يقرأ من كل جانب منه، شعرٌ يقوم بذاته، مع ما صنعته فيه من صورة كل صنفٍ من الوحش والطير الذي يقرأ في كل يومٍ منه شعرٌ يأتي على معنى إرادتي فيه وسميته كتاب التحف والظرف، وإنه إنشاء الله تعالى ليأتي على بلوغ أرب المبحث عنه ويجاوز التقصير، إذ الارادة منه بمقدار طاقتي عليه، وحسب الكفاية للناظر فيه والله المستعان.
فما كان في هذا مكتوبًا بالحمرة معجمًا بالسواد والحمرة قرئ بالنقط السود، مدرجًا في جملة السواد، وما كان بالحمرة بعد ذلك قرىء بالنقط الحمر.. المكتوب بالذهب وذلك غير خفيٍ على ناظره ولا ... الشاعر وأرجو أن يسهل على مميزه بسط العذر فيما يذم ذكره التعمد عن الزلل، إن كان فيه وبالله التوفيق:
قل لمن ظل جامع الأخبار ... طالمبًا للحديث والأسمار
في كتابٍ جمعت فيه فنونًا ... من ظريف الأشعار والأخبار
ما سمعنا بمثله من زمان ... مر من قبلنا من الإعصار
فيه شعر محبر وكلام ... وصنوف الأطيار والأشجار
غير أن الأطيار ليس يغر ... دن كتغريد سائر الأطيار
يتجاوبن بالإشارة سرًا ... بحديثٍ يشجي ذوي الأقدار
وكذلك الوحوش فيها صحون ... ثم أشجاره بغير ثمار
وتخال الظباء فيه رتاعًا ... في رياضٍ تحيى بلا أمطار
فكأن السماء قد نثرت فيها ... نجومًا تلوح للسمار
وخشوف على الرباء تراها ... حائماتٍ ترعى من الأشجار
وترى الزهر فيه من كل صنفٍ ... وبساتينه بلا أنهار
وعيون من المعاني ظرافٌ ... معجباتٌ لسائر النظار
صاغها الفكر واللسان فجاءت ... نزهةً للقلوب والأبصار
هو يغني عن الرياض ويلهيك عن الشدو وعند حث العقار
هو أذكى من كل طيبٍ ذكي ... هو أبهى من جملة الأزهار
هو أشهى في نفس كل أديبٍ ... من لذيذ الزلال في الأسمار
هو أنسي الوحيد في خلواتٍ ... هو نعم الرفيق في الأسفار
هو أشجى لكل صبٍ كئيبٍ ... من ولوع القيان بالأوتار
هو كالماء رقةً في نفوسٍ ... ضامياتٍ تذوب بالأفكار
من يكن قرئًا له بسط العذ ... ر على ذلتي فهذا اعتذاري
لم أقل أنني عصمت من الز ... يغ ولا أنني ملكت اختياري
وجميع الأشياء تفنى ويبقى ... آخر الدهر سائر الأشعار
والفتى ماله يزول ولا يبقى ... سوى النظم آخر الأعمار
وأنا الشاعر التميمي والبا ... رع في صنعتي بغير افتخار
وهو قدر اجتهاده وكثيرٌ ... من مقل نظم وحسن نثار
غير أني عولت أن يبسط العذر كريم يعزى إلى الأحرار
وبتوفيق ربنا نبلغ الغا ... ية سبحان ربنا الجبار
وحقيقٌ بأن يرحم قاريه علينا في سره الجهار
غفر الله ذنبه وجزاه ... بجميل الدعاء دار القرار
أضمر في نفسه عتابي ... بدرٌ تجلى من السحاب
في كل يومٍ يذل قلبي ... بالصد عن غير ما ارتياب
يا عاذلي إن اردت يومًا ... خلاص قلبي من العذاب
فالرجل المؤمن الذي لا ... يرى سلامي من الصواب
هل ينبغي لوم مستهامٍ ... إذ قطع الليل بانتحاب
لو كان من لامني شفاهًا ... يخاف من شدة العقاب
رأى ملامي عليه إثمًا ... وكف عن كثرة العتاب
1 / 1
لم أنس ةالله سؤل قلبي ... إذ سارت العين بالقباب
إذا قلت وصلي حياة قلبي ... والدمع ينهل بانسكاب
فقال والله إن قربي ... منك لمن أعظم المصاب
فهل رسولٌ إليك مني ... يخبر عن سرعة الإياب
فقلت قد قال لي فؤادي ... مثلك من مات باكتئاب
لا قرار لمستهامٍ كئيبٍ ... فجعته النوى ببين حبيب
بأبي من أذاب قلبي وجسمي ... ورماني منه بسهمٍ مصيب
يا بديع التم الذي هو بدر ... فوق غصنٍ مركبٍ في كثيب
ليس لي يا معذبي خلف منك فجد بالرضا لصب كئيب
أيها المانعي منامي أبن لي ... هل لسقمي يا سيدي من طبيب
قد رثى لي بنو تميم وقالوا ... كلنا ناصر لكل غريب
فبحق النبي يا ابن الكريمين ... أجرني من قول واشٍ كذوب
كيف تنسى قولي بوادي شعيبٍ ... ودموعي تجري بسحٍ سكوب
يا غزالًا أطال سقمي ورعبي ... كن مجبري من الضنا والشحوب
فعذولي لا حاطه الله بيدي ... سرورًا بلوعتي والكروب
يا عزيزًا أبقاه ربي عزيزًا ... إن هجري لمن عظيم الذنوب
(الناسخ الأشرفي)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والتسليم على أشرف الخلق سيدنا محمد سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فيقول الفقير إلى رحمة ربه الوفي، محمد بن خاص بك الأشرفي، عامله الله بلطفه الخفي، أني وقفت على كتبي فاطلعت فيها على الكتاب المنسوب تأليفه للشيخ الإمام العالم العلامة محمد بن أحمد بن عبد المغيث التميمي الدارمي الكاتب المسمى كتابه بالتحف والظرف فوجدته مشتملًا على صورٍ وتماثيل من الطيور والوحوش والأشعار الموحشة لبعض تفسير آيات من القرآن الشريف ولبعض من الأحاديث الشريفة، والآثار المنيفة والمواعظ الرقيقة والحكم الأنيقة والطب اللطيف والنكت الدقيقة، مؤرخ كتاب النسخة المذكورة في ثامن ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وخمسمائة وكتب كاتب النسخة المذكورة أنه علقها من نسخة داثرة تاريخ كتابتها شهر رجب سنة ثمان وسبعين وثلثمائة، واطلعت على نسخة أخرى ذكر مالكها أنها من خزائن بني رسول ملوك اليمن منسوب تأليفها للمؤلف المشار إليه، مشتملة على الأشعار المتضمنة لما ذكر خلا الطيور والوحوش والأشعار المشجرة، ثم أني قابلت نسختي المذكورة على النسخة الأخرى فتوافقتا في ستٍ وثلاثين شعرًا واختلفتا فيما عدا ذلك فكان ما وجد في النسخة المنسوبة لنا زيادة على ما اتفقتا عليه مائة شعرٍ واثني عشر شعرًا، وما وجد في النسخة الأخرى زيادة على ما اتفقتا عليه مائة شعر وعشرة أشعاره، جملة ذلك مائة شعر وثمانية وخمسون شعرًا، وما وجد في نسختنا من الأشعار المشجرة ثمانية عشر شعرًا، ومن الأشعار المكسورة المبسوطة ستة عشر شعرًا، ورأيت ما ضمن من الأشعار في النسختين المذكورتين من التفسير والحديث والأثر والمواعظ والحكم والطب والنكت مفرقًا غير مرتب، فجردت من كل شعر ما فيه من التفسير والحديث وغيره وضممته إلى أخيه، وجعلت ذلك سبعة أبواب، ليسهل على الناظر في هذا الكتاب ما يشكل عليه مما يقرأ في باطن الشعر بالحمرة، الباب الأول
في تفسير بعض آيات من القرآن العظيم، الباب الثاني: فيما ورد من الحديث الشريف، الباب الثالث: فيما ورد من الأثر المنيف، الباب الرابع: في المواعظ الرقيقة، الباب الخامس: في الحكم الأنيقة، الباب السادس: في الطب اللطيف، الباب السابع: في النكت الدقيقة، والله سبحانه ﵎ أعلم.
الباب الأول
في تفسير بعض آيات من القرآن العظيم
- قوله تعالى: أن بيوتنا عورة، أي خالية - قوله ﷿: على حين غفلة من أهلها، قال: نصف النهار - وعنت الوجوه: أي ذلت - والله فضل بعضكم على بعض في الرزق، يعني السادة على المماليك - ولا تمش في الأرض مرحًا، أي بالفخر والتيه - يدنين عليهن من جلابيبهن، أي يلبسن الأردية - قوله ﷿: ثم ذهب إلى أهله يتمطى، قال: يتبختر - أيكم أحسن عملًا، أي عقلًا - ادفع بالتي هي أحسن، أي سلم عليه إذا لقيته - فانظر إلى أثر رحمة الله، يعني آثار المطر - كيف مد الظل: امتداده ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس - من كل زوجٍ كريم، أي من كل جنس حسن - عن الصراط بناكبون، أي عادلون
1 / 2
- ولا تنس نصيبك من الدنيا: قال: العمل فيها بطاعة الله - الأرض الجرز: التي لا تنبت شيئًا - كأنها جان، الجان الحية التي ليست عظيمة - قوله والذين يمكرون السيآت، قال: هم أصحاب الربا - فاصفح الصفح الجميل، الذي لا عقوبة فيه ولا توبيخ - لا ترى فيها عوجًا ولا أمتا، الأمت: البناء
الباب الثاني
فيما ورد في الحديث الشريف
- قال رسول الله ﷺ: المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
- قال رسول الله ﷺ: أي داءٍ أدوى من البخل.
- قال رسول الله ﷺ: العطاس للمريض دليل العافية وراحة للبدن.
- قال رسول الله ﷺ: السماح رباح والعسر شؤم.
- عن النبي ﷺ قال: السداب جيد لوجع الأذن.
- قال رسول الله ﷺ: المؤمن مرآة المؤمن.
- قال الصادق ﵇: تسريح اللحية يذهب الغمز.
- قال رسول الله ﷺ: أحبب حبيبك هو ناما.
- قال رسول الله ﷺ: كفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع.
- قال النبي ﷺ: الدنيا دار من لا دار له، يفرح بها من لا عقل له.
- قال رسول الله ﷺ: رأس العقل بعد الإيمان، التودد إلى الناس.
- نهى الصادق ﵇ عن أكل الطين والطفل والفحم.
- دعا رسول الله ﷺ: على رجل فقال: اللهم أطل شقاه وبقاه.
- قال رسول الله ﷺ: من عمل عملا ألبس رداء عمله.
- قال رسول الله ﷺ: لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه.
- قال رسول الله ﷺ: لا حليم إلا ذو عسرة لا حكيم إلا ذو تجربة.
- قال رسول الله ﷺ: من صمت نجا - قال رسول الله ﷺ: إذا صلح القلب صلح الجسد.
- قال رسول الله ﷺ: ليس الخبر كالمعاينة - قال رسول الله ﷺ: إذا قاسم كريم قوم فأكرموه.
- قال رسول الله ﷺ: أعظم النساء بركة أقلهن مؤنة.
- قال رسول الله ﷺ: السفر قطعة من العذاب.
- قال رسول الله ﷺ: الغني غني النفس.
- قال الصادق ﵇: البان البقر شفاءٌ وسمنها دواء.
- قال رسول الله ﷺ: الخل يقتل الدود ويشد الفم.
- قال رسول الله ﷺ: أطلبوا الخير عند حسان الوجوه.
- قال رسول الله ﷺ: إن الله يحب النظافة وبئس العبد القاذورة.
- قال رسول الله ﷺ: لا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين.
- قال رسول الله ﷺ: أخذ الشعر من الأنف يزيد في جمال الوجه.
- قال رسول الله ﷺ: ليأخذ أحدكم من شاربه ويأخذ من شعر أنفه فإنه أزيد في جماله.
- قال النبي ﷺ: أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين يوم القيامة في قبةٍ تحت العرش.
- قال رسول الله ﷺ: من اصطنع إلى أحد من أهل بيتي يدًا كافيته عليها يوم القيامة.
- قال رسول الله ﷺ: لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب.
- قال رسول الله ﷺ: غبا تزدد حبا.
- قال رسول الله ﷺ: من أكل لحمًا ولفتًا وقي الجذام.
- قال رسول الله ﷺ: إذا بلغ العبد ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر.
- قال: كان لرسول الله مكحلة يكتحل فيها عند النوم ثلاثة في كل عين.
- قال رسول الله ﷺ: عليكم بالأثمد فإنه يجلو البصر ويثبت الشعر.
- قال رسول الله ﷺ: إعقل وتوكل.
- من قال حين يمسي أعوذ بكلمات الله كلها من شر ما خلق ثلاث مرات لم يضره عقرب.
- قال رسول الله ﷺ: الوحدة خيرٌ من جليس السوء.
- قال رسول الله ﷺ: اشربوا الكاشم فإنه جيد لوجع الخاصرة.
- قال رسول الله ﷺ: أكرموا أولادكم وأحسنوا آدابهم.
- قال رسول الله ﷺ: لا خير في صحبة من لا يرى لك مثل الذي ترى له.
- قال رسول الله ﷺ: الخير عادة الشر لجاجة.
1 / 3
- قال رسول الله ﷺ: دبوا عن أعراضكم بأموالكم.
- قال رسول الله ﷺ: من أنعم الله عليه نعمة فلير أثرها عليه.
- قال رسول الله ﷺ: البسوا الثياب البيض وكفنوا فيها أمواتكم فإنها أطيب وأطهر.
- خمس من الفطرة: تقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة والختان.
- عن أنس أن النبي ﷺ كان يتختم في عينه.
- قال رسول الله ﷺ: من رزق من شيء فليلزمه.
- قال رسول الله ﷺ: ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
- عن أنس قال: رأيت النبي ﷺ ينظر في مرآة
الباب الثالث
فيما ورد من الأثر المنيف
عن علي ﵇ قال: من أخذ سكرة عند النوم كانت شفاء من كل داء إلا السأم.
عن علي ﵇ قال: ليتهيأ أحدكم لزوجته كما يجب أن تتهيأ له.
عن علي ﵇ قال: الكحل يطيب النكهة والسواك يزيد في الفصاحة.
عن أبي عبد الله ﵇ قال: دهن الحاجبين بالبنفسج يذهب الصداع.
عن علي ﵇: للمؤمن أن يستعمل النورة في الشهر مرتين فإن أكثر ففي الشهر مرة.
قال علي ﵇: الباذنجان جيد للمرأة السوداء عن علي ﵇ قال: تسريح العارضين يشد الفكين.
عن علي ﵇ قال: ثلاثة يذهبن البلغم، قراءة القرآن وأكل اللبان الذكر والعسل.
ذكر لعلي ﵇ جب الناس الدنيا فقال: هم أولادنا، أفيلام الرجل على حب أمه.
قال علي ﵇: من حلف على غلامه بضربه، فكفارته ضربة ويتبعها حسنة.
قال علي ﵇: الفقيه كل الفقيه من لا يوئس من رحمة الله ولا يرخص في معاصي الله.
قال علي ﵇: العنب الأسود يذهب الغم.
قال علي ﵇: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يترك عانته فوق أربعين يومًا.
قال علي ﵇: السلق يقمع الجذام. كان خاتم النبي ﷺ من فضة فصه منه.
- كان أحب الثياب إلى النبي ﷺ، القميص.
- شكى رجل إلى علي ﵇ البواسير فقال اكتب ياسين بالعسل واشربه.
- عن أنس قال: رأيت النبي ﷺ ينظر في مرآة.
- كان أبو موسى الأشعري يأخذ من شعره وأظفاره كل يوم جمعة.
- قال: ما عرض على النبي ﷺ طيبًا ورده.
الباب الرابع
في المواعظ الرقيقة
حياتك أنفاس تعد فكلما مضى نفسٌ منها انتقص بها جزء أحسن اللباس ثوب
في سبيل الله أنفسنا ... كلنا بالموت مرتهن
كل نفسٍ عند ميتتها ... حظها من جمعها كفن
قال يحيى بن معاذ: واشوقاه إلى حبيبٍ إذا غضب عفا، وإذا رضي شفا
كتب الفناء على البرية ربها ... فالناس بين مقدمٍ ومخلف
سمع فضيل سائلًا يسأل عشية عرفة فقال: يا سبحان الله يسأل في هذا اليوم غير الله.
قال عون بن عبد الله: استدعوا العفو من الله بالعفو عن الناس والرحمة من الله بالرحمة للناس.
رأى سليمان بن عبد الملك طاووس اليماني في المسجد فقال له: ألك حاجة فقال: ألا أسأل في بيت الله غير الله.
طول الأمل ينسي الآخرة.
إذا حشر الناس يوم المعاد ولاقوا قبح الذي قدموه فحسبي الإله وحسبي النبي وحسبي الوصي وحسبي بنوه.
نهارٌ مشرقٌ وظلام ليلٍ ... كأنهما معًا فرسا رهان
يقودان العباد إلى المنايا ... بلا رسنٍ تراه ولا عنان
- انتقم من حرصك بالقنوع كما تنتقم من عدوك بالقصاص.
- ذكر الموت زاجرٌ عن المعصية.
تأمل إذا ما نلت بالأمس لذةً ... وأفنيتها هل أنت إلا كحالم
- قال: كان الرجل من أهل المدينة إذا بلغ الأربعين تفرغ للعبادة.
- تظلم رجل من بعض الأمراء فقال: والله لآخذن بلجامه بين بلدي الله.
- قيل لرجلٍ وفد رؤي مخرق الثياب: من قاتلك؟ فقال: الأيام.
- قال الرشيد ليعقوب بن داود: ما صنع الدهر؟ قال: اخلقني وكنت جديدًا.
- قال.. إلى موسى أتدري لم رزقت الأحمق؟ قال: لا يا رب. قال: ليعلم العاقل أن طلب الرزق ليس بالاحتيال.
- هي دارك، دار الهموم، ودار الغموم، ودار الحذرة، فلو نلتها بحذافيرها لمت ولم تقض منها وطرك.
1 / 4
- في خلاف النفس رشدك. قال يحيى بن معاذ: من سلك الطريق بلا دليل ضل.
كل يومٍ يمر يأخذ بعضي ... وينقضي الأطيبان مني فيمضي
- جمال الرجل في لسانه.
- اعلم بأنك نائمٌ فوق الفراش وأنت راحل.
- قال عبيد الحربي: خلق الله خلقًا يعظ بهم الخلق.
- قال مسروق: إذا بلغت الأربعين فخذ حذرك.
من لجرمي سوى الحليم الكريم ... ولذنبي سوى الغفور الرحيم
- بئس الزاد إلى المعاد، العدوان على العباد.
عجبت لمن يتم له سرور ... بوار سمميت دار الغرور
ألا كل شيءٍ ما خلا الله باطلٌ ... وكل نعيمٍ لا محالة زائل
- لا تخن من ائتمنك وإن خانك، ولا تذع سره إن أذاع سرك
ألا أيها الباكي على أثر من مضى
تعز فللساقي من الموت طالب
وأي شيءٍ من الدنيا سمعت به ... إلا إذا صار في غاياته انقطعا
الليل لا يفتر يطوي بك المراحل، ويعتمد بك الردى. لا يغفلان وأنت غافل.
ألا إنما الدنيا كأحلام نائمٍ ... وما خير عيشٍ لا يكون بدائم
لا تحقرن من الأيام محتقرًا ... كل أمرئٍ يجزى بالذي كسبا
- قال: طالب الدنيا أن نال ما أمله تركه لغيره، وإن فاته مات بغصته.
- قال هرم بن حيان: ما عصى الله كريمٌ، ولا أثر الدنيا على الآخرة حكيم.
- قيل لبعض الأعراب، وقد أتت عليه مائةٌ وعشرون سنة، ما أطول عمرك! فقال: تركت الحسد فبقيت.
- ابن آدم لم تكن، فكونت في أحسن الصور، وصورت، ثم سألت فأعطيت، ثم سئلت فمنعت، فبئس ما صنعت.
- قيل لراهبٍ: ما أقل ما يجد العبد في الوحدة، قال: الراحة من مداراة الناس والسلامة من شرهم.
- ألا إنما الدنيا كجسر بلجة لتعدية فالناس من فوقهم عدوا.
- من الكرم صلة الرحم، ومن الكرم الوفاء بالذمم.
ألا إنما الدنيا مقيل لرائح ... قضى وطرًا من حاجةٍ ثم هجر
وما هذه الدنيا بدار إقامة ... ولكنما الدنيا مجازٌ ومعبر
كلنا ممسك بحبل غرور ... غافلٍ عن نوادر المقدور
كلنا عن حمامه متعامي ... حائرٌ بين حيرةٍ بظلام
ألا إنما الأيام فيها العجائب ... ويتلو مسرات القلوب المصائب
للموت سهمٌ لنا مصيبٌ ... لكل أرواحنا سلوب
- قال رجل للحسن: يا أبا سعيد، أينام إبليس؟ قال: فتبسم وقال: لو نام لوجدنا راحة.
فإذا انقضى الأجل الذي أجلته ... ومضى فمالك بعد ذلك محبس
نموت وننسى غير أن ذنوبنا ... إذا نحن متنا لا نموت ولا تنسى
- إنما لك من الدنيا ما أصلحت به مثواك.
فيا عامر الدنيا أتعمر للبلى ... وتترك ما يفنى لمن ليس باقيا
سيلحق من يبقى يقينًا بمن مضى ... وكل جديدٍ سوف يصبح باليا
ما مر ليلٌ ولا صبحٌ على أحد ... إلا وبينهما الآجال تخترم
لنا كل يومٍ فجعة ومصاب ... ونحن نيام إن ذا لعجاب
في كل يومٍ روعة وفجائع ... وخطبٌ به حسن التبصر بارع
تجرد من الدنيا فإنك إنما ... خرجت من الدنيا وأنت مجرد
ما هذه الدنيا لنا وطنٌ ... بل دارنا دارٌ سوى الدنيا
- لا يغتر بحياته أحد، المرء ميت وهو في الأحياء.
ويا عاشق الدنيا ستعلم أنها ... تعد لمن يهوى هواها المكاويا
- من أطاع هواه، أعطى عدوه مناه.
الباب الخامس
في الحكم الأنيقة
- شفاءٌ لكل داء، الآن خفف الله عنكم، وعلم أن فيكم ضعفًا يريد الله أن يخفف عنكم، ذلك تخفيف من ربكم.
- الهوى عدو العقل.
- كثرة النوم تورث الغفلة وتميت القلب.
- القلب كالملك والجوارح جنده، فإذا اشتغل القلب تعطل الجسد.
- ثلاثة يذهبن الأحزان، محادثة الإخوان، ومرور الأيام، والمرأة الحسناء.
- حسن الإياس خيرٌ من الطلب إلى الناس.
- لا يغلبن عليك سوء الظن فإنه لن يدع بينك وبين خليلك صلحًا - من ظن بك خيرًا فصدق ظنه.
قال الحسن: احذروا شهوةً لا تبقى وندامة لا تفنى، بئس الطعام الحرام
ليس في الدنيا لمن آمن بالبعث سرور ... إنما يفرح بالدنيا جهولٌ أو كفور
المرء مثل هلال الشهر نبصره ... يبدو ضئيلًا بخيلًا ثم ينبسق
يزداد حتى إذا ما تم أعقبه ... مر الجديدين نقصانًا فينمحق
1 / 5
- من حلم ساد، خير ما جربت ما وعظك.
المرء يفرح بالأيام يدفعها ... وكل يومٍ مضى يدني من الأجل
- إنما الليل والنهار خزانتان من وضع فيهما شيئًا وجده.
- سخف المنطق يذهب بالبهاء ويزري بالمروءة.
- المسك إذا ذاب عبق في الثياب، أو كان منه في الجيب لم يعمل الثياب.
- حسن التدبير مع الكفاف، أكفى لك من الكثير مع الإسراف.
- ارحم أخاك وإن عصاك وصنه وإن جفاك.
- احفظ ما في يدك، خيرٌ من طلب ما في يد غيرك.
- من مروءة الرجل طيب ريحه.
- لا يكثر عليك ظلم من ظلمك، فإنه يسعى في مضرته ولا يعلم.
- من مروءة الرجل نقاوة ثوبه.
- من ائتمن الزمان خانه، ومن تعزز عليه أهانه.
- جد على عدوك بالفضل فإنه أحرى للظفر.
- رسولك ترجمان عقلك، وكتابك أبلغ ناطقٍ عنك.
- ذك قلبك بالأدب، كما تذك النار بالحطب.
- قال الشعبي: الرائحة الطيبة تزيد في العقل، من طاب ريحه زاد عقله.
- من نظف ثوبه قل همه، بادر الفرصة قبل أن تكون غصة. التحرج وجه القطيعة.
- العاقل من وعظته التجارب.
- ظلم الضعيف أفحش في الظلم.
- الخديعة أخلاق اللئام.
- في الصدق السلامة، وعاقبة الكذب شر عاقبة.
الباب السادس
في الطب اللطيف
- إذا دق ورق الملوخيا ووضع على لسع الزنبور أذهب وجعه.
- الزبيب يشد العصب ويذهب بالوصب ويطيب النفس.
- قضبان الكرم إذا أحرقت وخلطت بخل ووضعت على التواليل برأتها.
- الورد يسكن الصداع الحار والخمار.
- إدمان السمك الطري يذيب الجسد، والعسل والتمر يدفعان مضرته.
- النسرين حار ينفع أصحاب السود أو البلغم.
- إذا عجن زعفران اتخذ منه خرزة وعلق على المرأة بعد الولادة أخرج المشيمة.
- سلخ الحية إذا شد على فخذ المرأة أسرعت الولادة.
- طول الجلوس على اللبد يقطع البواسير.
- إذا دخن تحت المرأة بالحرمل أو الخردل أنزل المشيمة.
- لرف الدم يؤخذ رامك وشب وعفص وكندر، من كل واحد جزء ويعجن بخل.
- لنزف الدم يؤخذ زاج فيسحق ويعجن بخل وتحمله المرأة بصوفة.
- الكراث جيد للبواسير، حار يابس يفتح سدد الكبد.
- يقال أربعة تزيد في اللحم والدم، لبس الكتان، ودخول الحمام، والرائحة الطيبة، والنظر إلى الوجه الحسن.
- النرجس حار، يسكن الصداع المتولد من الحرارة.
- المسك حار يابس في الدرجة الثالثة يقوي الدماغ.
- ثياب الكتان معتدلة في الحرارة والرطوبة واليبس.
- البنفسج بارد، رطب يجلب النوم.
- الياسمين حار يابس صالح لمن كان بارد المزاج.
- التام حار يابس يفتح السدد التي في الرأس والأنف.
- النيلوفر بارد رطب، يدفع شمه السهر ويجلب النوم ويسكن الصداع.
- الورد بارد يابس يبرد الحرارات التي في الرأس والمعدة ويسكن الصداع.
الباب السابع
في النكات الدقيقة
- قال رجلٌ لقومٍ: من كان الخليفة زمن النبي قال هو كان النبي، وهو الخليفة، قال والله ما كنت أحب له أن يدخل في عمل السلطان.
- قيل لإنسان: ما تقول في إبليس؟ قال: الثناء عليه ثناء سوءٍ، والله أعلم بالسرائر.
- شهد رجلٌ على كوةٍ في حائط، فقال: أشهد أنها فيه قبل أن يبنى.
- تعرف سرور من سرور اللؤلؤي يا أخي، وله فزعتني مالك! - يا مطر مطيرة إنقطعي قطيرة.
- أصابك شيءٌ؟ لا والله، ولا مشوي لا والله.
- هبت بالمدينة ريحٌ، فصاح الناس: الصلاة، فصاح مزيد: لا تتوبوا فإنما هي زوبعة والساعة تسكن.
- وصفت امرأة شبابها بعدما أسنت فقالت: كنت أحسن من السماء وأطيب من الماء.
- سرق مدني ثوبًا وأنفذه مع ابنه ليبيعه فسرق منه، فلما عاد قال: بكم بعته؟ قال: برأس المال.
- ضرب رجلٌ امرأته على كثرة الولد، فعوتب في ذلك فقال: هو ذا تلك أكثر مما أجامعها.
- دعا رجلٌ على قومٍ فقال: اللهم أمسخهم كلابًا، وأمسخنا ذئابًا حتى نقطع جلودهم.
- إيش أحلى من النيك؟ أن أن الناطف - قال الموفق لحماد يا ابن إسحاق: أي شيءٍ أهديت في هذا العيد؟ قال: حلقت له رأسي.
- أصلحوا لنا قلية طار الزيت عليه أن أوه ساقيه.
- قيل: أول من اتخذ السكر سليمان بن داود.
- قيل لعليل: نرجو أن تكون الليلة في عافية، فقال: من شاء يبايعني أني لا أصبح!
1 / 6
- سرق لرجلٍ دراهم فقيل له: احمد الله فإنها في ميزانك، فقال: مع الميزان سرقت.
- كسوة الخادم تكبت العدو.
- قال بعض الأعراب: من كلام النساء ما يقوم مقام الماء فيشفي من الظمأ.
- دعا رجلٌ جاريةً له تخرج شوكة من رجله، فلما حركتها بالإبرة ضرط فقال لها: رأيتها، فقالت: لا ولكن سمعت صوتها.
- اشترى رجلٌ غلامًا، فقيل له: إنه يبول في الفراش، فقال: إن وجد فراشًا فليبل.
قد زال حين هجرت عني رقادي ... أواه فؤادي ما أشد ما بي
يا جمل تأكل فرط ولوبية ... بحب صبيٍ تربيه وله بيه
- قال رجلٌ لأبي الدرداء: فلان يقريك السلام فقال: هدية حسنة ومحمل خفيف.
- قال رجلٌ وددت أن الله لم يخلقني وأني محموم سنة.
- لقد شئت بقلبي لا خفف الله عنه، كم لمته في هواه فقال: لا بد منه.
- قيل لرجلٍ مات فلان فجأة فقال: هذه موتةٌ نهى النبي صلى الله عليه عنها.
- لا والله يا أخي سقرهم باشللة شلل شلل له، جيت أعقله فقر نقزبي
سلي عائداتي كيف أبصرن لوعتي ... فإن كن قد حابينني فأسألي الناسا
فإن لم يقولوا مات أو هو ميت ... وإلا فزيديني همومًا ووسواسا
- دخل لصٌ منزل قومٍ فلم يجد إلا دواة، فكتب على الحائط: عز علي فقركم وعناي.
- وقف سائلٌ على بابٍ فقال: يا أهل الدار، دار الصالحين، فقال له من بالداخل: قد تحولوا.
- قيل لمزيد: كيف ضيفك؟ فقال: أسوأ الناس حالًا، هو منقطع إلي وأنا منقطع بي.
- ولما انتهينا من جمع ما رقم بالحمرة في باطن الشعر في الترتيب المتقدم، قصدنا جمع الأشعار المضمنة الآتي ذكرها المنشورة في النسختين المذكورتين، كل فنٍ إلى فنه على حكم الأبواب السابقة فجعلناها سبعة أبواب.
الباب الأول
الأشعار المضمنة لتفسير بعض آيات من القرآن العظيم
أجرني من الهجران يا أكرم الورى ... ففي كبدي منه حذار النوى شرر
منعت الهوى من أن يزور بيوتنا ... فليس البقا في غير ذكرك والسمر
فإن كنت ممن يبتغي ذكر عورةٍ ... فلا تلق يا سؤلي رسولي بالضجر
لقد قل يا سؤلي عزائي فليس لي ... عزاءٌ وهل صبرٌ لمن عيشه كدر
رأيت ديار الصبر منه بلاقعًا ... وخاليةً ما منه فيها له أثر
ومن ذلك:
صادني قوله إليك متابي ... من ذنوبٍ قد أحصيت في الكتاب
قلت هذا عزيز قومٍ كرامٍ ... ليس يرضى بذلتي واكتئابي
فبلاي فيه موثقٌ وبقلبي ... وجلٌ وهو غافلٌ عن مصابي
فتثنى زهوًا علي ونادى ... يقبح اليوم بالشيوخ التصابي
ما عليه لو كان حين رآني ... باكيًا لورثي لطول انتحابي
هو عني في غفلةٍ ودموعي ... لبلائي سريعة الإنسكاب
هو خلو من الغرام الذي بي ... وفؤادي في زفرةٍ والتهاب
وأرى الدار أهلها كل يومٍ ... في أمورٍ لكثرة الارتياب
حبذا اليوم من إذا قلت زرنا ... قال لي في غداة يوم الحساب
أشتهي أن أراه من أنصف الناس في هجره شديد العقاب
أقطع الليل والنهار بحزن+ ... دائمٍ ما أرى له من ذهاب
ومن ذلك:
أما والهوى إني لصبٌ متيمٌ ... وإن دموعي عن غرامي تترجم
لقد أعنت العذال فلبي بعذلهم ... فخدي لما ألقى بدمعي مكلم
وقد كحلت تلك الوجوه وإنني ... لأعلم أن الحب بالحب أعلم
فيا عادلي أما عزاي فبائن ... وأما غرامي فهو عندي مخيم
وقد والهوى ذلت نفوس ذوي الهوى ... ودع لومهم فاللائم الصب ألوم
ومن ذلك:
والله يا من أطال عتبي ... إني لصبٌ بغير صب
يا أفضل الناس دع ملامي ... فيمن جفاني بغير ذنبي
هل بعضكم كاشفٌ غرامي ... يا قوم أو دافع لكرب
ماذا على من أطال لومي ... في رفعه لو قضيت نحبي
شكوت بعض الذي بقلبي ... فرحت فضوا بغير قلب
قد كنت في لذةٍ وأمنٍ ... حتى نأى الحب بعد قربي
من طلب الرزق من حبيبٍ ... جافٍ ولاسيما كحبي
من كان يعنى بلومه لي ... نصحا فذاك المريد سبي
يا أيها السادة استعيذوا ... بالله من باخل بطبي
مالي على قاتلي معين ... سوى رجائي له وحسبي
1 / 7
كل المماليك في أمانٍ ... ومالكي قد أطال عتبي
ومن ذلك:
جفتني ولا والله مالي من ذنبٍ ... سوى شكواي الذي من الكرب
فلا تمشي يا من لامني في صبابتي ... على ذم صبٍ بالملامة والعتب
ع اللوم لي في حب من هي فتنتي ... ومن شهدت بالحسن في الشرق والغرب
ما فوق ظهر الأرض أنعم من فتىً ... له مقلة تنهل بالسح والسكب
غدا مرحًا يختال في ثوب سقمه ... وراح بلا قلبٍ صحيحٍ ولا لب
فماذا رأى في الناس مثل متيمٍ ... يهيم بمن أهواه في البعد والقرب
لقد خصها بالفخر ربي وخصني ... بكثرة ما ألقى من الذل والحب
فدأبي البكا يا قوم والتيه دابها ... وشتان ما بين المنعم والصب
ومن ذلك:
وناعماتٍ ذوات دلٍ ... يدنين قلبي من السهام
ماذا عليهن في ضناي ... وفي عذابي من الآثام
إن قلت من لي برد قلبٍ ... يا سادتي قلن بابتسام
حورٌ جلابيبهن سحر ... فاصبر على شدة الغرام
قل عزاي وقل صبري ... وأي صبرٍ للمستهام
يلبسن جسمي ضنًا وسقمًا ... إذا توارين في الخيام
فهل جميل ألام في أن ... بكيت بالأدمع السجام
على التي راعني خيالٌ منها وقد زار في اكتتامي
قلت لها قد نأى سروري ... رديه يا أحسن الأنام
ومن ذلك:
يا قوم أيكم الداعي على بصري ... فقد بليت بفيض الدمع والسهر
ما أحسن الصبر لو أني خطبت به ... لكنني بشفائي غير مصطبر
وما أرى عملًا للصب ينفعه ... مثل السكوت عن الشكوى إلى البشر
أما عزاي فقد ولى وأسلمني ... ففي فؤدي لما ألقاه كالشرر
عشقت أحسن من يمشي على قدمٍ ... وأظرف الناس من أنثى ومن ذكر
وأكمل الناس عقلًا غير أن له ... قلبًا على عبده أقسى من الحجر
ومن ذلك:
يتبختر الظبي الغرير إذا مشى ... تيهًا علي لعلمه بصبابتي
تبًا لمن قال اصطبر عن حبه ... ولمن أطال على هواه ملامتي
يتمطا العذل في عرضي وما ... يبغون غير مذلتي واهوانتي
كم غافلٍ في أهله عن حالتي ... تيهًا علي لعلمه بصبابتي
وكم شكوت إلى معذب مهجتي ... ولمن أطال على هواه ملامتي
قد أذهب العذال حسن تبصري ... يبغون غير مذلتي واهوانتي
يتبختر الظبي العزيز إذا مشى ... أعلمته بصبابتي لجاتي
تبًا لمن قال اصطبر عن حبه ... وجدي به فسطا علي لفاقتي
يتمطا العذل في عرضي وما ... بملامهم فيمن أقام قيامتي
واعن ثم أذل ذله عاشق ... وتذللي في الحب أكثر راحتي
أمسي على وجلٍ وأصبح راجيًا ... والدمع يظهر رغبتي وزهادتي
قد والهوى عزا التصبر والعزا ... حتى لقد عظمت بذاك مخافتي
من عاذل ما ينثني عن قوله ... لك في البكا شغل وذاك بطالتي
ومن ذلك:
حتام أدفع طول لوم اللائم ... إذ لامني في حب ذات تمائم
أو بالتي سلبت فؤادي بعض ما ... لم تلحص في مآثم
خود هي الشمس المضيئة بهجة ... قتلت بمهجتها جميع العالم
ما كان أحسن حالتي لو أسعفت ... بزيارتي سرًا لطيف الحالم
أما عزاي فقد نوى وتجلدى ... إذ ليس لي في ذا الورى من راحم
ويلي لقد سلم العذول وما أنا ... من عذله لي في هواي بسام
ماذا عليه إذا بكيت وراحتي ... في أن أنوح بفيض دمعٍ ساجم
لهفي على خودٍ إذا أتت ارتدت ... كبدي بصبحٍ تحت ليلٍ فاحم
ويلاه فيما نالني ولقيته ... من حرقة تسرين بين حيازم
ومن ذلك:
قد عيل صبري فانظر إلى ... سقمي برحمةٍ منك يا مداهمي
أما تراني في أثر عيسكم ... ودمع عيني مواصلٌ بدم
أنالك الله رحمة فلقد ... عدمتها منك يا أخا الكرم
قد علم الله ما أكابده ... يا هاجري بالظنون والتهم
شايعني عاذلي على كمدي ... والوجد إذ ذاك غير منصرم
آثار وجدي علي شاهدةٌ ... لما بجسمي من شدة السقم
والمطر المغدق الغزير حكى ... دمعي فما أن أفيق من ألمي
ومن ذلك:
1 / 8
كيف لقلبي عنك بالصبر ... يا من زها حسنًا على البدر
يا سؤل نفسي ومدى هممي ... قد زاد ما ألقى من الضر
وا راحتي في الظل من قربك الداعي إلى الإحسان والبر
فما احتيالي وامتداد الضنا مواصلي بان مع الدهر
ويلاه، بل ويلاه من شادن ... ألحاظه أمضى من السحر
إن قلت يا مولاي ما حيلتي ... يقول إن الحظ في الصبر
وأي صبرٍ ... وبين الحشا ... والقلب أنواعٌ من الحجر
عند طلوع الفجر قد أيقنت ... بالبين يا ويلي من الفجر
إذ بان عند الفجر طيف الذي ... يوعدني بالوصل والحشر
فهل شفيعٌ لي إلى شادن ... يذيبني بالنظر الشزر
أهوى طلوع البدر شوقًا إلى ... من قلبه أقسى من الصخر
ومن يفوق الشمس إشراقه ... وثغره أبهى من الدر
ومن ذلك:
ويلي وعولي من سطوة العاذل ... وفيض دمعي من اعيني هاطل
في كل يومٍ لمهجتي آسفٌ ... وحسن صبري ... راحل
مذ صد زور الخيال من سكني ... زال سروري بعقله الزائل
يا ليته عاج قبل رحلته ... على الكئيب المتيم الناحل
فهل كريمٌ يدعو على بصري ... فإن طرفي لمهجتي قاتل
بان عزاي فالدمع منهملٌ ... فهل مجيرٌ للواله الثاكل
ويلاه من دمعه مواصله ... لحد خدي بمسبلٍ هامل
قد وكل القلب بالأسى غض ... يحمل بدر تمه الكامل
ما أحسن الصبر غير أني ... لا أستطيع صبرًا أيها العاذل
ومن ذلك:
سأسكت عن كشف الضر الذي بي ... إلى من رماني بالقطيعة والهجر
عسى أن نلتقي عند الصراط فأشتفي ... هناك من الشكوى إلى طلعة البدر
أقام لنا يوم النوى ثم مأتمًا ... فغاضت دموعي بالسجام وبالقطر
لقد ركبوا بعد النوى فوق عيسهم ... وقلبي لهم حادٍ يسير مع القطر
ملبون بالهجر الطويل وإنهم ... لمن أجود الأجواد بالقتل للحر
عزاي قليلٌ بعدهم وصبابتي ... تزيد وتنمى لا تبيد إلى الحشر
فلم أر قومًا عاذلون كعذلهم ... عن الخير مع التقية والبر
ومن ذلك:
بكيت ولا والله مالي مصطبرٌ ... وكيف وقلبي من حذار النوى شرر
قد قيل: تنس الذي كان بيننا ... من الوعد بالوصل يا أكرم البشر
نصيبك من قلبي هوى القلب كله ... وأنت على قلبي بهجرك مقتدر
فيا من أقيه السوء، جد بزيارتي ... فإني لما ألقاه فيك على خطر
لقد ضاقت الدنيا علي برحبها ... ولكنه مالي مفرٌ من القدر
ولما شكوت الحب قال مفندي ... بمن أنت صبٌ قلت بالقمر
هل العمل الموجود للمرء نفعه ... سوى ترك لومي أكثرت منه أو فذر
فما أنا والدنيا وفيها معذبي ... يواصلني إن شيمته الوصل بالضجر
وقد خصه ربي بطاعة عاذلي ... كما خصني في حين ألقاه بالحصر
إلى الله أشكو فرط وجدي ولوعتي ... بمن قلبه للصب أقسى من الحجر
ومن ذلك:
ما تحمل الأرض أشقى من متيمٍ دنفٍ ... أضناه مالكه بالتيه والصلف
وأعظم الجرم للظبي المعذب لي ... أن ليس يرجع عن كبرٍ وعن صلف
وددت لو زارني طيف المبرح بي ... بالصد عني فأبراني من الدنف
يا قوم إن التي تلحاني على كلفي ... يزيدني حين يلحاني من الكلف
فهل ألامٌ إذا ناديت واحربي ... وإن أطلت البكا بالأدمع الذرف
ما اللوم تنبت في قلبي صبابته ... فدع ملامك لي يا طيب السلف
ولست أملك شيئًا أستعين به ... على الغرام كطول الضر والنحف
ومن ذلك:
وفتاةٌ كأنها غصن لبان ... أذابت قلبي بذلٍ وشكل
يا عذولي أجارك الله مما ... في فؤادي من كل ضرٍ ونكل
يا عذولي إن كان يرضيك سقمي ... فاطل يا هديت لومي وعذلي
فبلاي إذا لجأت إلى فيض دمعي والدمع للصب يسلي
حبذا من كان طلعتها البدر ... حياتي في القرب منها ومن لي
وعذولي كأنه الحية الصماء مآلني لديها ويسلي
قد نهتها التي تريد صلاحي ... عن جفائي فأوعدتها بوصلي
وأراها ليست تريد لهذا ... برء سقمي وقصدها فيه قتلي
1 / 9
هي عندي عظيمة القدر لكن ... ما رضاها يا عذولي غير ذلي
ومن ذلك:
قد سرني قوله للعاذلين قفوا ... عن الملام فمالي عنه منصرف
قد والذين أذاقوني مودتهم ... حتى إذا أنقذوني في الهوى صدفوا
عجبت إذ يمكرون السوء بينهم ... عواذلي ودموعي سحة ذرفوا
إن قلت لومي فعل السيآت فلا ... يلحونني لم يبالوه ولم يخفوا
لما شكوت إلى مولاي مسكنتي ... قال التذلل في حكم الهوى شرف
حتى متى أنا في همٍ أكابده ... ومن أؤمله من شأنه الصلف
لما أقول وأصحاب صدق فمنها الضر والنحف
إن السماح بما أرجوه يا أملي ... هو الرباح وأهل الفضل قد عرفوا
ومن ذلك:
حتى م يا لائمي أشكو ضنا بدني ... إلى الذي صادني بالفنج والترف
يا عاذلي لو ترى ذلي ومسكنتي ... ومقلتي برة بالأدمع الذرف
كأن فيها سحابًا فهي تسعدها ... بالسح حزنًا على من تاه بالهيف
عوجًا على دنفٍ طال العذاب به ... يا عاذلاه فقد أشقى على التلف
أبكي ولا غرو أن أبكي على كبدٍ ... فصدعت عنه بين التائه الصلف
هذا متاعٌ قليل عيش مكتئبٍ ... أضحى لشدة ما يلقى على جرف
يقول سؤلي ألا مت هائمًا دنفًا ... إذا شكوت الذي ألقى من الدنف
إني لأشفق من حزن النبات على ... من يستطيل على المسكين بالشرف
ومن ذلك:
أتحمل توبيخ الحزين المتيم ... على قوله قد ذاب جسمي وأعظمي
أم ولا والله جئت بزلةٍ ... فما عذر من يحتال في قتل مسلم
ولي سيد ما فيه عيبٌ لعائبٍ ... تعلقته بين الحطيم وزمزم
يماطلني والمطل فيه عقوبةٌ ... لكل حزينٍ مدنف القلب مغرم
يعنفني في حبه كل لائمٍ ... وما أنا من يصغي إلى لوم لومي
أما والذي حاز الملاحة والذي ... به فتن الحجاج في كل موسم
لقد هجر الصبر الجميل فهجره ... فيه الردى من ظالمٍ متظلم
إذا قلت أين الصفح عن متذللٍ ... يقول تراه بعد طول التندم
أقول له فاصفح هديت تكرمًا ... فأنت حقيقٌ سيدي بالتكرم
الباب الثاني
في الأشعار المتضمنة للحديث الشريف
فمن ذلك:
البخل عارٌ فلا تبخل على الدنف ... بالوصل يا قاتلي بالذل والهيف
يا من جفاني بلا ذنبٍ أجر كبدي ... من فتك طرفك بي بالفتح والوطف
يكون أدوى من الهجران يا أملي ... لمدنفٍ قد بكى بالأدمع الدرف
حتى متى أشتكي دائي وأكتمه ... مما رماني بالشنآن والشنف
أعاذه الله من أي ومن كمدي ... ولا لقى مثل ما ألقى من الدنف
لا زلت أبكي عليه ما بدا قمر ... للناظرين ولاح النجم بالشدف
قد يشهد الله فيه أني ممتحن ... وليس يرجع عن تيهٍ ولا صلف
يظن وصلي حرامًا فهو يهجرني ... ويجعل القرب مني أكبر الجنف
لا، وأخذ الله عذالي فلو علموا ... لمحنتي لأقاموه على جرف
فهل رسولٌ إلى مولاي يخبره ... بأن قلبي قد أشفى على التلف
من قال أن الهوى يحلو لذائقه ... فزاده الله ضرًا ومن يخف
ومن ذلك:
من يرحم الجسم الضعيف الذي ... أنهكه حب الغزال الفرير
يا أيها المؤمن كن راحمي ... فليس لي يا سيدي من مجير
يا قوم هل من كاشف بعض ما ... لقيت في حب الهلال المنير
والله والله لفي مهجتي ... مما أقاسيه كحر السعير
أشكو إلى الله غرامي وما ... يظهر من وجدي بفرط الزفير
فيا أحب الناس جد لي بما ... أرجوه فالهجر لمثلي نكير
قد ذهبت مني القوى لي ... فالهجر يا مولاي قصد الظهور
من شيمة المؤمن جودا على ... كل ضعيفٍ مسيكينٍ فقير
يا من عليه أدمعي سحة ... كديمة في يوم غيم مطير
قد علم الله وحسبي به ... بأنني ما لسقامي نظير
يا من رأى وصلي حرامًا أما ... ترغب في الأجر مجير الكسير
أشكو إلى الله ضنى مهجتي ... وأنه يا قوم نعم النصير
ما لي رسولٌ ناصحٌ مشفقٌ ... يخبره أني به مستجير
من قال أن الحب حلوٌ فقد ... أتى بزورٍ ومقالٍ غرير
ومن ذلك:
1 / 10
هل دواءٌ يا قوم للمتيم المضني ... سوى من عليه طال ضناه
هل طبيبٌ وراحةٌ لكئيبٍ ... أو رحيم دعى له بشفاه
ليس قولي هذا لعافية القلب ولكن لكي يحف عناه
هل دليلٌ على الطريق لصبٍ ... لكي يحسن الإله جزاه
من يرى للمريض منجٍ من السقم سوى من لديه عز دواه
كم وكم أكثر العطاس ليدعو ... لفؤادي برحمةٍ من شفاه
بأبي من عليه كل اعتمادي ... لأن ما بعده من بلاه
صاغه الله من بدائع زهر ... وبراه لشقوتي إذ يراه
قلت وصلي يا ابن الكرام حرام ... قال أيها أيها ودام جفاه
فإلى الله أشتكي ما ألاقيه ... بمن قد أذاب قلبي هواه
هل رسولٌ إليه يخبره ما قد ... لقيه قلبي لطول نواه
إن أقل جد، قال اصطبر ... لست بالحامد يا من علي طال بكاه
ومن ذلك:
يا شوم جد للمتيم الدنف ... إن صد من شفه ولم يقف
أقول والعسر من جداتهم ... عرجوا علي يعجبني الكلف
وصلي رباحٌ فيا معذبتي ... تداركي فيض دمعي الذرف
بالله يا معدن السماح أما ... ترثين يومًا للهائم الدنف
تداركيه فما عليه إذا ... ناح ملامًا يا درة الصدف
وراقبي الله في فتى دنف ... رثته أسقامه من النحف
صلي، فوصلك يا عتبٌ يسعدني ... وعجز مثلي من أكبر الجنف
والله والله يا معذبتي ... إبي بمن لام غير معترف
فهل رسولٌ مبلغٌ فهمٌ ... يحمل ما بيننا من الصحف
يصدق إن قال في مقالته ... حر من الناس طيب السلف
ومن ذلك:
عن غير ما سببٍ أعرضت يا سكني ... وأنت مني مكان العين والأذن
قد والنبي شجاني طول هجرك لي ... فاصفح عن موجع القلب الفتى الفطن
وجد بوصلي فإني غير مصطبرٍ ... يا من حكى الظبي جيدًا كم تعذبني
فراقب الله في هجري فلي كبد ... قد ذاب أكثرها من فارط الحزن
يا من عليه اعتمادي ما السداد سوى ... وصلي لتنقذني من شدة المحن
كم لائمٍ لامني جهلًا وقال أفق ... من الوقوف على الأطلال والدفن
ومن ذلك:
قلت قد ذبت قال كفكف عن النوح والبكا
هل رسولٌ إلى الذي لفؤادي تملكا
حسبي الله قد شكوت إلى غير مشتكا
... محرمٌ عليه لما تنسكا
أشهد الله ما لعيني إلى النوم مسلكا
يا غزالًا عليه أهلك لا ذقت فقدكا
أيها المؤمن المعذب لي لست مثلكا
لي دمع مرأة يا سيدي طول هجركا
ألها المؤمن الموفق رفقًا بعبدكا
ومن ذلك:
جسمي ما يبرا من السقم ... والقلب ما يخلو من الغم
يا سيدًا بلا جرم ... وصلك لي يذهب بالهم
ومظهر النسك بلا عفةٍ ... وخاضب اللحية للظلم
أسرع في لومي فناديته ... تسريح رقى أكبر الغنم
أقر على حبي السلام الذي ... على الليالي أبدًا ينمي
وقل له يا من عليه البكا ... طاب، أجر قلبي من السقم
محبك الصادق في وده ... يسألك العفو عن الجرم
قال أجرني يا أجل الورى ... فقد تروعت من الصرم
ومن ذلك:
ما جرت عبرتي على الأطلال لكن ... على قاتلي بفرط الدلال
يا عذولًا، هوانا ما ألاقيه ... ولا تعجبا لفرط الهزال
يا عذولي نأى حبيبك حتى ... يتمنى طروق طيف الخيال
يا عذولي أحبب بطيف سري ... بعد صدٍ وفرقةٍ وقلال
آه وا حسرتي عليه لقد كا ... ن وصولًا وصد بعد الوصال
بدر تم قد يشهد الله أني ... مستهامٌ به شديد الخيال
لست أدري على م حرم وصلي ... وبرى أعظمي كبري الخلال
لو رعى حرمة الوداد إذ رعا ... هـ الله أغنى عن ذل السؤال
ليس لي شافع إليه فأحظى ... بمناي ولا رسول بحال
دع ملامي في حبه يا عذولي ... وأعذني من طول قيل وقال
ومن ذلك:
سمع الله دعوة المسكين وأقال الإله كل حزين
يا عذولي ماذا عليك إذا بحت بما بي إلى رسولٍ قرين
لو تراني بكل ربع أنادي أنا والله في ضلالٍ مبين
كل يومٍ يحدث الناس أني ... رد وصلي من كان غير خؤون
1 / 11
أيها الناس إن قلبي عميد ... كشف الله ما به من شجون
يا عذولي قد حاز إثمًا مبينًا ... شادن ما عليه لي من معين
ليس بالمرء غفلة عن سقامي ... كفاني ما بالتي في سكون
ومن ذلك:
لقد قال سؤلي حين صعدت أنفاسي ... وأخفيت ما ألقي حذارًا من الناس
أتاني رسولٌ عنك أخبر جاهدًا ... بقولك: إني قد طربت إلى الكاس
فقلت هداك الله جد بزيارتي ... فقد ضج في فرط التودد جلاسي
من الدين والإيمان وصلي فقال لي ... كذبت بل الإيمان بعدك يا قاس
فقلت: خف الله المهيمن في دمي ... ولا تجفني من بعد قربٍ وايناس
وأكثرت تكرارًا عليه أغث فتى ... تبدل بعد العقل فيك بوسواس
فقد صرت رأس العاشقين فما ترى ... فديتك من قبل النزول بارماس
ومن ذلك:
لم أنسه إذ قال لي ومدامعي ... تجري على الخدين غير جوامد
قد والنبي سميت قربك فاغترب ... عني فلست إلى الوصال بعايد
ظبيٌ يرى وصلي عليه محرمًا ... وله على حبه أعدل شاهد
قلبي رعاه الله فيه مروع ... أبدًا وعقل الصب ليس بزايد
ماذا عليه لو رثى لصبابتي ... وأجارني من لائمٍ ومعاند
هل لذة الدنيا لسوى نيل المنى ... وسلامتي من بغي واشٍ وحاسد
أسفي على دار الحبيب وبعده ... عني وفيها كل ريمٍ صائد
بأبي نعذب مهجتي من لو كا ... ن يفرح أن يجود لقاصد
لي عاذلٌ لا ينثني عن عذله ... وملامه في حب قرم ماجد
يبدي صدودًا كلما داريته ... وأخافه كمؤمرٍ أو قائد
ومن ذلك:
نهاني عن الشكوى إليك عواذلي ... وقالوا دع الشكوى إلى غير راحم
فقلت فإن الصادق الود من شكى ... وكان لما يلقاه غير مكاتم
فيا من عليه الهجر ضرية لازبٍ ... لمختبلٍ بادي الصبابة هائم
عليك من الصب السلام تحيةً ... وعش سالمًا إني امرؤٌ غير سالم
أتصفح عن عبدٍ أتى متندمًا ... فأحسن عفوٍ كان عن ذنب نادم
إذا كل عن قولي لساني فإنني ... أبث هواي بالدموع السواجم
من الطين هذا الخلق طرا وأنت من ... نمير يراك الله يا ابن الأكارم
فاحسب أن الكهل والطفل لو شكوا ... عذاب الهوى أبنوا بكل العظائم
أما والهوى إن الهوى ليدب في ... عظامي فخذها خلفة غير آثم
كمثل دبيب النار في الفحم الذي ... أعد لها فالموت من لوم لائم
ومن ذلك:
ما دعاني لو جعلت فداه ... أبدًا أطال عزه وبقاه
هل رسولٌ إليه يخبره عن ... مستهامٍ شقاه طول جفاه
إتق الله يا رسولي إليه ... وأطل لي في عتبه بعساه
يتلاقى وصلي فناديته اللهم قرب من الحبيب لقاه
أنا والله في أليمٍ من الشوق ... فقال الرسول ذاك مناه
قلت ماذا عليه من مستهامٍ ... وجل شفه الهوى وبراه
آهٍ وا حسرتي على كل صبٍ ... خانه صبره وقل عزاه
ومن ذلك:
مرني بما شئت يا مولاي أعمله ... غير السلو فإني لست أرضاه
يا من عليه رداء الحسن يشمله ... قد نال كل المنى من أنت مولاه
قد لجسم سقما ما يفارقه ... فأمنن بكشفٍ ضنا من طول بلواه
ما أن رأى عملًا للصب أوفق من ... تضرعٍ لمناه حين يلقاه
يا سيدًا عمل الخيرات شيمته ... قد نال مني عدوي ما تمناه
إني لأعجب من صبري ومن جلدي ... على احتمال سقامٍ أنت مبداه
يا من عليه مدى الأيام معتمدي ... لأنت يا سؤل قلبي في سويداه
أشكو إلى الله ما ألقاه منك فهل ... ترى لمستهترٍ قد دام شكواه
يا أحسن الناس في وصلي الفخار فصل ... وسرني يا من مناي سرك الله
لا وأخذ الله من يرضيه سفك دمي ... وأحسن الله في الدارين عقباه
مالي إليه رسولٌ غير مسكنتي ... وعلمه أنني مذ كنت أخشاه
من قال إن الهوى يحلو لذائقه ... أعاذه الله من ضري وعافاه
ومن ذلك:
وأضمر في نفسه عذابي ... بدرٌ تجلى في السحاب
في كل يومٍ يذل قلبي ... بالصد عن غير ما ارتياب
يا عاذلي إن أردت يومًا ... خلاص قلبي من العذاب
1 / 12
فالرجل المؤمن الذي لا ... يرى ملامي من الصواب
هل ينبغي لوم مستهامٍ ... إذ قطع الليل بانتحاب
لو كان من لامني سفاهًا ... يخاف من شدة العقاب
رأى ملامي عليه إثمًا ... وكف عن كثرة العتاب
لا أنس والله سؤل قلبي ... إذ سارت العيس بالقباب
إذا قلت وصلي حياة روحي ... والدمع ينهل بأنسكاب
فقال والله إن قربي ... منك لمن أعظم المصاب
فهل رسولٌ أتاك مني ... يخبر عن سرعة الإياب
فقلت قد قال لي فؤادي ... مثلك من مات باكتئاب
ومن ذلك:
قلت لمن قال دع هواها ... جهلًا بما بي من الغرام
كيف وقد جاءني رسول ... ولم يكن ذاك في اكتتام
يقول والله إن سلمى ... توعدك الوصل بالحسام
فقلت إن أنعمت بوصلٍ ... ففيه برؤٌ من السقام
أشكو إلى الله ضر قلبي ... من عاذلٍ لام في هيامي
ولو رأى من عليه أبكي ... لكف يا قوم عن ملامي
يا لائمي لا تلم كئيبًا ... آذن الصبر بانصرام
أي حليم بلي ببين ... لم يذرف الدمع بانسجام
ومن ذلك:
ألام في عشق بدر تم ... قد فضح الغصن بالقوام
ذو غنجٍ قد زها بصدع ... معقرب تحت خط لام
تجرحه عثرة التمني ... إن طمع الصب باللثام
مالي مجيرٌ ولا نصيرٌ ... وهل مجيرٌ لمستهام
يا أيها الناس هل حكيمٌ ... يزهد في البذل للسلام
وهل جميل ألام لما ... قلت أحسن جفا الأنام
ذو أدبٍ قد أطاع قومًا ... لاموا ولم أصغ للملام
تجربة الصبر يا عذولي ... تورد قلبي إلى الحمام
ومن ذلك:
قال ودمعي ممطرٌ خدي ... من خده في صبغة الورد
أي رسول جائني مخبرٌ ... عنك بما نلقى من الوجد
فقلت قد الله شاع الذي ... ألقاه في غورٍ وفي نجد
فجد بوصلي يا مداهمتي ... حسبي من الإعراض والصد
مولاي قد والله روعتني ... وسوفتني بالخلف للوعد
يا سيدًا طال عليه البكا ... يا مخجل الأغصان بالقد
يا من أذاب القلب كن راحمي ... فإنني في ذلة العبد
يا صلح أحوالي إذا زارني ... طيفك بعد الهجر والبعد
يا من أذاب القلب كن راحمي ... فقد تحريت عن القصد
واهًا لمن أصلح أحواله ... إن صد من يهوى على عمد
الجسد المضني دليلٌ على ... الذي تأتيه بالصد
ومن ذلك:
لما رأى أدمعي دراكًا ... قال ولم يرض لي هلاكا
والله ما جاءني رسول ... يخبرني عنك ما دواكا
قلت خف الله في عذابي ... فقال لي قد فعلت ذاكا
إن شئت وصلي فإن عندي ... رضاك أو يبتغي رضاكا
قلت له الله يا مناي ... يرعاك صبحًا وفي مساكا
يا من عليه سفحت دمعي ... لا بك ما بي، ولا عراكا
يا من أذاب الفؤاد روحي ... وكل هذا الورى فداكا
مولاي لم صمت عن كلامي ... والحظ للصب أن يراكا
نجاك ذو العرش عن بلاي ... ونلت يا سيدي مناكا
ومن ذلك:
رسولي قال: قلت: أنا رسولٌ ... إليك من الكئيب المستهام
فنادى رسول من كئيب ... لقد أدخلت نفسك في الزحام
فقلت الله يعلم أن قصدي ... خلاص الصب من أيدي السقام
فقال: أظن وصلي شئت قل لي: ... فقلت كذاك من غير احتشام
فقال: فإنني والله أربا ... بمثلك عن دخولٍ في الإثام
فقلت عليه ضرٌ واكتئابٌ ... أخاف عليك من درك الحمام
فقال: ليس يهجع قلت نرجو ... بذلك أن تواصل في المنام
فقال أتعرف الخبر الذي قد ... رواه الأكرمون بنو الكرام
أناسٌ كالمعادن خير ناسٍ ... حبوا بالفوز في دار السلام
إذا لم ينه تقوى الله عبدًا ... عن الآثام فهو من الطغام
ومن ذلك:
رأى المعنف لي دمعي فأنكره ... وقال فيم تطيل النوح يا رجل
فقلت إن رسول الحب أخبرني ... عنه بما ساءني فالدمع منهمل
وقال قد سار فادع الله يحفظه ... فقلت لي والبكا عن ذاكم شغل
إن كان ليس يرى وصلي فكيف يرى ... قتلي ومالي لا ذنبٌ ولا زلل
1 / 13
لا وأخذ الله من بالوصل يمطلني ... والهجر فهو به يا عاذلي عجل
ماذا عليه إذا أعلمته دنفي ... لو جاد بالوصل فهو السؤال والأمل
يا من أذاب فؤادي لا تلم دنفًا ... فليس يردعه لومٌ ولا عذل
أتاكم الله يا عشاق رحمته ... فكلكم أبدا من وحده ثمل
هل من كريمٍ يجير المستجير به ... فإن لي كبدًا بالشوق يشتعل
بالله قوم هل داعٍ إلى خبلٍ ... قد كاد يملكه مما به الخبل
مضى رسولي إلى الأحباب معتذرًا ... فأكرموه وقالوا هكذا الرسل
ومن ذلك:
لما شكوت الهوى قال المعنف لي ... لا تشكون الذي تلقى من الدنف
فقلت قد جاءني يا من يفندني ... رسول حبي فأشفى بي من التلف
وقال قد أزمع الحب النسير غدا ... فقلت والله مالي منه من خلف
وقلت ما باله يا ابن الكرام يرى ... وصلي حرامًا وهذا أعظم الجنف
لا عذب الله من يرضيه سفك دمي ... وعذب الله من يرضيه بالخلف
يا سيدًا أنا من هجرانه دنف ... يا من عليه يطيب النوح للكلف
إذا تنكر النوح لي فالحب أعظم ما ... بلي به الحر فاسمع قول معترف
إني لأعجب من قول النساء إذا ... قلن اصطبر عن شيبه البان في الهيف
والصبر أحسن مصحوبٍ وأبركه ... إلا عن الشادن المخصوص بالترف
ما أكثر العاذلات اليوم فيه وما ... أقلهن لكشف الضر والنحف
إني لأعجب من حملي على دنفي ... مؤنة الموقفي دهري على جرف
ومن ذلك:
شكوت إليه حزني واكتئابي ... وما ألقاه من طول العذاب
فقابلني بوجهٍ مكفهرٍ ... وقلبٍ لا يمل من العتاب
أنام الليل في خوفٍ ورعبٍ ... وأقطعه بدمعٍ وانتحاب
وصبري مستعدٌ غير وإن ... على السفر البعيد من الإياب
أقول لمن يعنفني عليه ... ويعذلني عدلت عن الصواب
أتحمل يا هداك الله لومي ... على القمر المحجب في القباب
على ظبيٍ يرى وصلي حرامًا ... ويهجرني على غير ارتياب
رعاه الله من ظبيٍ غريرٍ ... يعذبني بهجرٍ واجتناب
وليس له رسولٌ غير فظٍ ... له قلبٌ من الصم الصلاب
إذا قال المعنف لي تسلى ... جرى دمعي بسجمٍ وانسكاب
ومن ذلك:
ماذا أقول إذا قال العدو أفق ... من الصبابة الأحزان والفكر
وقد أتاني رسول الحب يخبرني ... بأنه أزمع الترحال في السحر
فلست والله اسطيع السلو وقد ... سمعت ذلك عن سمعي وعن بصري
ظبيٌ إذا شمته وصلي يعنفني ... ويبتديني مع التعنيف بالضجر
أشكو إلى الله ما بي من هواه وما ... ألقاه فيه من الأسقام والضرر
وما أكابد من وجدي عليه وما ... ألقاه فيه من التعذيب والسهر
قد افتقرت فدته الروح من جلدي ... بعد الغنى ولا رأيٌ لمفتقر
يا عاذلي فيه ما أغناك عن عذلي ... لأن عذلك لي من أعظم النكر
اعلم هديت بأن النفس قد سكرت ... من الملام فما تصحو من السكر
ومن ذلك:
عجبت من قول من قال لها ... لم تصدين عن الصب الدنف
ثم قالت أيها الصادق في ... قوله أفديه من صب كلف
ما عليه لو شكا ما قاله ... فعسى قلبي عليه ينعطف
أبلغ الصب السلام ثم قل ... زر جهارًا لا تكن ممن صدف
حبذا من تخجل البان إذا ... ما تثنت بالتهادي والهيف
وحكاها البقر العين إذا ... خطرت لا بل غاثها بالترف
هل لقلبي من شفاءٍ عنده ... فلقد جارت وزادت في الجنف
قلت يومًا وبدت مسفرة ... ودموعي لغرامي تنذرف
جل رب الناس ما أسمنها ... ثم ما أعجب أمري في النحف
فانثنت من خجلٍ قائلةً ... هل دواءٌ لك من هذا الشغف
ومن ذلك:
تعرضت من بغيره ... من الصبر حتى قد عرضت إلى الصبر
إذا كان دمع الصب يظهر سره ... كففت عن الدمع المواصل في القطر
فيا رائق الحسن الذي فضح الورى ... جللت عن الشمس المنيرة والبدر
أجل الرياش السقيم للصب أنه ... إذا كان ذا جسمٍ عزوه إلى الغدر
فيا من عليه الهجر ضربة لازمٍ ... لصبٍ عليه الصبر من أعظم الوزر
1 / 14
خف الله في صبٍ أذبت فؤاده ... وأبليته من بعد وصلك بالهجر
أتوعدني وصلي وتخلف جاهدًا ... أما تستحي من خلف وعدك يا ذخري
أجرني أطال الله عمرك من ضنى ... يقلب قلبي مذ نأيت على الجمر
فمالي رسولٌ يا فديتك ناصح ... يخبر عني ما لقيت من الضر
فديتك قد قال العذول دع البكى ... وفيه شفى ما بي من الوجد إذ يجري
ومن ذلك:
حلفت بمن له عنت الوجوه ... لأنت البدر ليس له شبيه
حباك الله منه بكل حسنٍ ... وإحسانٍ فأنت به تتيه
أتزعم أنني لك بعد صدق ... وقدري عندك القدر الوجيه
وتشهد أن فعل الخير فعلي ... ورأيي عندك الرأي النبيه
وعذالي إذا طلبوا عذابي ... يلوموا والعذول هو السفيه
على خدٍ عليه الورد وقف ... وصدغ فوق قد عقربوه
تعالى الله كم كبدٍ أذابوا ... وكم قلبٍ به قد عذبوه
وفي وصلي حياتي يا ثقاتي ... وقلبي قد تشتت فاطلبوه
أطال الله عمر مذيب قلبي ... ومن هو حشوه لو فتشوه
ومن مالي رسولٌ غير دمعي ... إليه فإن أردتم فاعذلوه
إذا ما قلت: صلني قال حتى ... ويبسم حين أنطق أو أفوه
ومن ذلك:
وضاحكة من قول من قال لا تبح ... وكن صابرًا فالصبر أكرم صاحب
فقلت: المحب الصادق اليوم من بكا ... وناح بما يلقاه من صد الحبيب
ولي عاذلٌ ماذا عليه إذا رأى ... سماحي وجودي بالدموع السواكب
على جلدي مني السلام فما أرى ... لصبري إيابًا إذ دنا كل آيب
يقولون ما الخل المقيم على الوفا ... صبورًا جليدًا عند وقع المصايب
فقلت: فإن الصبر يقتل أهله ... إذا كمد وأضافت علي لمذاهب
فيا عاذلي عز الدواء فخلني ... أنوح وأبكي أسىً على كل كاعب
وقد هجر الخل الودود فخلني ... وقد عميت عني وجوه المطالب
فهل مستعد لي أو يشد عزيمتي ... على الصبر عن أيدي الظنون الكواذب
فقد وعدت ذات الوشاح زيارتي ... وذات الفم العذب اللذيذ المشارب
ومن ذلك:
قال: لا تظهر الحزن ... ممرض القلب والبدن
يا رسول الحب حا ... شاك من طارق المحن
أنا والله في أليمٍ ... من الوجد إذ ظعن
سله وصلي لعله ... يرحم الدائم الشجن
أشهد الله لا ركنت إلى الصبر إذ ركن
آهٍ وا حسرتي عليه ... وإن شرد الوسن
ألف البغيض لي ... فدمعي من مقلتي هتن
جعل المقت والعدا ... وة لي أكبر الجنن
كلما جئت أشتكي ... يتوارى من الفتن
ليس لي عن هواه ... ثانٍ وهذا هو الحسن
ومن ذلك:
قال المعنف لي في حبها سفها ... أفق من البث والأحزان والفكر
فقلت هذا رسولٌ جاء يخبرني ... بأنها تزمع الترحال في السحر
فأي صبرٍ لحاك الله أملكه ... على الذي لقيت روحي من الضرر
أفدي التي حرمت وصلي بلا سببٍ ... سوى بكائي في الآصال والبكر
أشكو إلى الله ما لاقيت إذ هجرت ... من الغرام وطول الهم والسهر
ولي عذولٌ عليه اللعن ما هتفت ... ورق الحمام على غصنٍ من الشجر
إن قلت ياويك إن الله فضلها ... على الخليقة من انثى ومن ذكر
يقول لي: أيحب القلب قاتله؟ ... وهل فرار لحاه الله من قذر
لها النظافة في الأعراق أجمعها ... وقد حوت كل حسنٍ قيل في البشر
وبئس ما أظهرت من هجري ولقد ... كانت تشاكلني بالسمع والبصر
وراحة العبد أن يرضى بما رضيت ... له يد الدهر من عرفٍ ومن نكر
والعاذل النكد القاذورة الدنس الأ ... عراض يعذلني في طرة القمر
ومن ذلك:
قال لي عاذلي سلوت عن الحب ... فناديته بدمعٍ سكوب
ألا وحق النبي مالي سلوٌ ... عن غزالٍ محكمٍ في القلوب
إن أقل ما هويت وصلي حلال ... قال بل ذاك من كبير الذنوب
فإن قلت راقب الله صب حزين مضنى الفؤاد غريب
قال يا من عليه وصلي حرام ... لست أرثي لمستهامٍ كئيب
يا عذولي على البكى لا تلمني ... في بكائي على الغزال الربيب
1 / 15
لي في صحن خده عقربٌ ... يلدغ قلبي وليس لي من طبيب
هل رحيم أو مؤمنٍ يطلب الأجر يجير الصب الكثير النحب
أو معين وليس لي من معينٍ ... أو مجيرٍ من عاذلٍ ورقيب
ليس لي من عواذلي حجر ضبٍ ... أتوارى فيه فعال المريب
فلقد قلت مرتين لمن لا ... م كفاني ما نالني من شحوب
ومن ذلك:
ما الوجه غير القتل لي لتريحني ... فالقتل أروح من ملام العاذل
مالي جمالٌ أن صددت ولم يجد ... بالوصل لي، قل لي مقال العاذل
هل في وصالك للمتيم سية ... يا سيدي عجل جواب السائل
سقمي يزيد مع الزمان وأنت لا ... تزداد إلا عزةً في الباطل
كم تظهر الأنف الذي هو قاتلي ... مني وتقصد بالسهام مقاتلي
حاشاك من دنفي وشدة لوعتي ... وتبادر الدمع السفوح الهاطل
خودٌ كأن الشعر فوق جبينها ... ليلٌ وصبحٌ فوق غصنٍ مائل
أخذت تعنفني على فرط البكى ... وتقول لي هذا فعال الجاهل
فأجبتها والله بل أنا سائلٌ ... من قد سباني بالعذار السائل
لما أتى منه رسولٌ مخبرٌ ... بزيارتي، أيزورني في قابل
قال الرسول فأنت من كرب الهوى ... والله في شغلٍ بنفسك شاغل
ومن ذلك:
قال رسولي إليه حين قلت له ... الفك صبٌ وأنت في لعب
فقلت كم يا رسول تخبرني ... عنه بزور المقال والكذب
فقال والله إن مهجته ... مقروحة من تطاول اللهب
ليأخذ السقم مأخذه ... إذ كان الفي يجفو بلا سبب
لم أشك ما نالني إلى أحدٍ ... كم أشك ما نالني من الكرب
للحب كأسٌ يلتذ شاربه ... يغنيه عن مسمعٍ وعن طرب
هل يحسن الصبر بالبلاغة أو ... يؤخذ عدلٌ بالظن والريب
قد صد يا قوم من كلفت به ... فالفس سكرى والقلب في تعب
تعذل فيه خودٌ لها شعر ... جميلٌ وقد يزهى على القضب
وهي من المستهام آنفةٌ ... تباهة تيهًا من العجب
أما ومن كالهلال صورته ... فإنه غايتي من الطلب
إن غرامي به إذا عدلت ... أزيد من فيض دجلة العرب
نار الهوى دهرها مضرمةٌ ... في كبدي إن بدا وإن يغب
لم تر عينٌ ولا رأت على ... جماله في تطاول الحقب
ومن ذلك:
على العرش رب علا، فاحتجب ... هو المنقذي من جميع الكرب
إذا بت تحت الدجى أشتكي ... غرامي وازرى دموعًا سكب
وأفرق من رقبة الحاسدين ... فأبدي الدومع ولا أنتحب
فليلي في كرب جمة ... وطول النهار بقلبي لهب
كأن القيامة قد أقبلت ... وقد بان فيها جميع العجب
فيا هول يومٍ يهد القوي ... إذا نشرت فيه تلك الكتب
أما والحسين وصنو الحسين ... وجد الحسين الكريم النسب
وزينب والحسن الطاهر التقي النقي الزكي الشريف الحسب
وفاطمة زين كل النسا ... ء من عجمهن معًا والعرب
نعم وعلي لقد شفني هوى من جفا ونأى واغترب
فما إن أنام وما أن أنيم ... وكيف ينام فتىً قد حجب
ونم عليه الضنا والأسى ... وفارقه لهوه والطرب
إلى الله أشكو عليل الهوى ... وبين الذي لفؤادي سلب
وحرم وصلي فيا ويلتي ... لما قد دهاني وما قد حزب
أما والنبي وآل النبي ... لقد زاد عذاله في الشغب
وقال لهم عند تعذالهم ... دعوه فأهون صب عطب
ومن ذلك:
يا غزالًا عليه طال سقامي ... كن مجيري من لوعتي وغرامي
أشهد الله أنب من جوى الحب حزين أبكي بدمع سجام
أحرام وصلي فما اصطنع المعروف من صدٍ عن فتى مستهام
أنا والله في أليمٍ من الشوق إلى من يفوق بدر التمام
هل رسول وما أرى أحدٌ يحمل مني إلى الحبيب سلامي
قال لي عاذلي أتبغي طبيبًا ... من سقام ممكنٍ في العظام
قال دعني لا بل طلبت مجيرًا ... هل مجيرٌ للصب يا ابن الكرام
مهجتي معدن الهموم وبيتي ... معدن النوح بين الأنام
ليس لي ناصرٌ يدافع عني ... ما ألاقي ممن أطال ملامي
إن يكف العذول كافيته حين يلاقي كلوعتي وهيامي
عذلتني في فرط حبي فتاةٌ ... ما عليها من صبوتي وأنامي
1 / 16
ليت شعري متى أرى يوم قربٍ ... من حبيبٍ طال عليه سقامي
ليس يشفي غير القيامة قلبي ... بقصاصٍ من مانعي المنام
ومن ذلك:
قد قلت إذ قال لي عذولي ... كف عن النوح والنحيب
يا عاذلي ليت لي رسول ... يومًا إلى الشادن الربيب
قال خف الله واتقيه ... وتب إليه من الذنوب
فقلت وصلي حياة روحي ... لا ذقت مل بي من الكروب
فراقب الله في ملامي ... وتب عن العذل للكئيب
فلي حبيبٌ عليه قتلي ... يهون، أفديه من حبيب
حسبك يا لائمي سفاهًا ... ما في فؤادي من اللهيب
مازال يملا يدي حسابًا ... مولاي بالموعد الكذوب
أظل جوف الظلام أبكي ... عليه بالمدمع السكوب
بالله يا عاذلي أبن لي ... ما الحظ للمدنف الغريب
هل في بني آدم كئيب ... به كما بي من الشحوب
فهل جميل ألام لما ... بكيت خوفًا من الرقيب
لا زال فوق التراب خدي ... دهري أبدًا في لغوب
ومن ذلك:
مرحبًا بالبشير لي بالوصال ... من غزالٍ يسبي الورى بالدلال
كيف لم تزدد الدموع انهمالًا ... وشفائي في كثرة الانهمال
حين زار الرسول عبا وقد كا ... ن وصولًا فصد بعد الوصال
يا رسول الحبيب زر كل يومٍ ... لا تطيلن لوعتي بالمطال
بأبي من عليه طال سقامي ... وعليه في برء سقمي اتكالي
لو رآني لرق لي يشهد الله ... من السقم والضنى والهزال
لست أدري علام حرم وصلي ... وبرى أعظمي كبري الخلال
ليس لي راحمٌ ولا نصير ... فإلى الله أشتكي سوء حالي
كيف يا عاذلي أبثك ما بي ... ورسول الحبيب طيف الخيال
تدع العذل لي وقيت غرامي ... وأعذ لي من طول قيل وقال
ومن ذلك:
هل رسول الحب أنت ابن لي ... قلت لا بل أنا المحب الكئيب
قال والله إن فيك اعتبارًا ... جسدٌ ناحلٌ وروحٌ تذوب
قلت وصلي فيه الشفاء لسقمي ... وهو برء إذا اعترتني الكروب
فإلى الله أشتكي ضر قلبٍ ... فيه للسقم والغرام لهيب
بأبي من عليه طال بكائي ... بأبي من به الحياة تطيب
قد بدا كل كامنٍ من غرامي ... رب سرٍ أنداه دمعٌ سكوب
لو رآني معذبي لحماني ... من عذولٍ له مقال كذوب
وبداني بوصله ورثى لي ... لسقامي فما لسقمي طبيب
قد شكوت الذي يحس فؤادي ... لفتاةٍ لها جمالٌ غريب
قالت اصبر فلو وقى كل صبٍ ... مضض الهجر ما لحاه الرقيب
فليت يبري الجذام روية سؤالي ... حين يبدو وذاك شيءٌ عجيب
ومن ذلك:
آهٍ على ما مضى من العمر ... ولم أنل بغيتي ولا وطري
من ذات دل في صورة القمر ... لا بل تعالت زهوًا على القمر
ومن عذولٍ أشكو إليه ضنى قلب ... ي فلا ينثني عن النكر
أشكو إلى الله ما أكابده ... من الضنى والغرام والسهر
قد أعذر الدمع حين فاض ولم ... يفض وأضحى في جرية المطر
ويلاه من فقد من كلفت بها ... لقد أقامت قلبي على السهر
من سنة الحب ذل مصطبرٍ ... على هواه وغير مصطبر
أبعد ستين حجة سلفت ... أصبو إلى الغانيات بالنظر
أقول قول العبيد الذليل لمن ... يلوم حسبي صبري على الضرر
قد بلغ الضجر بي مداه ففي ... قلبي لما قد لقيت كالشرر
خود أذابت فؤاد عاشقها ... وتيمته بالذل والحقر
قد خصها الله بالجمال فما ... أرى لها شبيهًا من البشر
هل رسول مبلغ فهم ... عني عساها تحن للخبر
قد قال قومٌ لما رأوا دنفي ... لم يبق منك الهوى ولم تذر
ومن ذلك:
ألا بأبي من قال لي إذ رأى ضري ... ودمعي دمًا يجري على الخد والنحر
لقد كان حسن الصبر أكرم صاحبٍ ... فقلت له كيف السبيل إلى الصبر
وقد شفني قول الرسول بأن من ... أؤمله ينوي الرحيل مع الفجر
فوالله لا اخترت السلو على الهوى ... ولا حلت عن طول التلذذ والنكر
فيا من ﴿اى وصلي عليه محرمًا ... خف الله في صبٍ يبيت على الجمر
1 / 17
خف الله فيمن في يديك عنانه ... وكن منقذ الصب الكئيب من الأسر
فيا من عليه الهجر ضربة لازبٍ ... أترضى بما تأتيه بالله في أمري
خود كأن البدر سنة وجهها ... مكحلة العينين بالفبخ والسحر
تفوق تلذ الغمض بعض فراقه ... ولم يكتحل طرفي بغمضٍ من الضر
لقد نالني منها بلاءٌ مشدد ... بتكرارها لومي سرارًا وفي الجهر
ولو شهدتني عند طول تلذذي ... أراعي النجوم الساهرات إلى الفجر
فمن لي بطعم النوم على خيالٍ من ... أؤمله يرثي فيقصر عن هجري
شكوت الذي بي مذ ليالي ثلاثة ... إلى مخجلة الشمس المضيئة والبدر
وقلت له: هل في فؤادك رحمة ... لعبدك يا من صد عني بلا خبر
بأن دموعي كل يومٍ وليلةٍ ... تهامى دراكًا لا تمل من القطر
فلم تك عينٌ مثل عين متيمٍ ... تسح دمًا بالدمع ممتزجًا يجري
ومن ذلك:
لما رأى عاذلي ما بي من الكمد ... قال اصطبر قلت لا صبر لي على البعد
فقال هذا رسولٌ قد أتاك بما ... تهواه قلت بماذا قال بالرشد
فقلت قد علم الله المهيمن ما ... ألقاه من كثرة التعذال والفند
علام حرم وصلي من هويت ولم ... أحل قتلي بلا جرمٍ ولا قود
لا وأخذ الله من ملكته قودي ... فبدل العين يعد النوم بالسهد
يا من عليه مدى الأيام معتمدي ... قل للعواذل والباغين بالحسد
ماذا عليكم أضل الله سعيكم ... من عاشقٍ لم يبح وجدًا إلى أحد
بالأثمد اكتحلت أجفان طايفةٍ ... والدمع كحلي فما أعرى من الرمد
يا سيدي فإنه أن يبوح بما ... أخفيه من عاذلٍ للصب بالرصد
هذا على أنه يجلو الهموم إذا ... جرى وإن غاض أبلى القلب بالكمد
يا قوم لي في البصرة الغرا لي سكنٌ ... أذاب قلبي بالتفنيد والغيد
فالوجد في كبدي ينمي وينبت لا ... يذدي ويزداد إقبالًا على الأمد
لهفي على من كأن الصبح غرته ... والشعر ليل والغصن البان في الميد
ومن ذلك:
قد عقرب الصدغ على وجنته ... تدمى إذا أهمسها الناظر
تضره لحظة عشاقه ... فالدم من وجنته قاطر
نام ولم يعلم من شفني ... إني من الوجد به ساهر
شكوت مراتٍ إليه الجوى ... فرد مما قال إليه الزاجر
بعد ثلاثٍ جئت تشكو الهوى ... فقلت هذا حين لا ناصر
أحسن خلق الله حالًا فتىً ... يمسي ومولاه له شاكر
مالي معاذ غير مولى به ... أعوذ يا من طرفه ساحر
هل شرف المحزون غير الدعا ... بكلماتٍ حدها ناشر
فكن مجيري من عذاب الهوى ... فأنت والله به خابر
جوارحي يا سيدي كلها ... بها عذابٌ ما له آخر
ومن ذلك:
رشا قال لي ودمعي سفوحٌ ... فيم يا عاشقي علي تنوح
قلت دعني ما لي رسول صدوق ... لا ولا صاحبٍ مشيرٍ نصوح
أشهد الله أنني بك صبٌ ... يا هلالًا من فوق غصنٍ يلوح
أحرام وصلي وجسمي نحيل ... ودموعي تجري وجفني قريح
أنا والله مستهام كئيب ... يا غزالًا له مقالٌ فصيح
يا غزالًا عليه طال بكائي ... أنا صب مضني الفؤاد جريح
إن من أعقل البرية صب ... دمعه هاطل همول سفوح
دع ملامي يا عذولي وتسوق ... ألا تلم أني عن الملام جموح
كم تطيل الملام لي كل يومٍ ... يا عذولي هذا فعال قبيح
ومن ذلك:
قلبي يا رسول ما قال لما ... قلت قد ذاب فيك همًا وغما
هل رثى يا رسول لي من سقامي ... أم تمادى علي جورًا وظلما
فلك الله راعيًا وكفيلا ... من رسولٍ يرى النصيحة غنما
أحرام وصلي عليه لأني ... منه يا ابن الكرام أقرب رحما
يا رسول أعاذك الله من ضر فؤادٍ يزداد بالعذل كلما
كن معيني عليه إن فؤادي ... يتلظى والجسم يزداد سقما
أجميل بأن أقيم على الوحدة إذ يرى الدموع سحًا وسجما
قل له يا رسول لقيت خيرًا ... لم أذق مذ غبت للنوم طعما
عله أن يرق لي من سقامي ... فيرى بعد حربه لي سلما
قل له يا رسول ما لي جليس ... أتسلى به ليزداد علما
1 / 18
قل له أنت مني في أمانٍ من السوء ولم يبق صدودك جسما
ومن ذلك:
قال رسولي إليه قلت له ... أرسلني من أطلت بكاه
أنا رسول الذي أضر به ... هجرك حتى بكاه أعداه
فقال والله إذ لي كبد ... تذوب شوقًا أوان ذكراه
إن كان يهوى وصلي بذلت له ... وصلًا تلذ الحياة عقباه
فقلت والله لو علمت به ... أو أن يشكو رحمت شكواه
فجد عليه بما يؤمله ... فأنت بعد الإله مولاه
فقال قوم قد أشربو سفها ... لاقوا وقوم المحب أغراه
لو كان نضوا لكان يعجبني ... نحوله والنحول بقياه
فقلت صله فقد تأثم بالسقم فلا تنحلن أعضاه
أفدي رسولي فإنه رجل ... بلغ قلبي ما قد تمناه
من شادن للهلال طلعته ... وللرشا جيده وعيناه
للدر والياسمين بسمته ... والورد والجلنار خداه
أقيه من كل ما يخاف فما ... أوجع قلبي به واشجاه
الحافظ العهد إذ تعاهده ... والخالص الود حين تلقاه
من كان للصب من صبابته ... ناصره لا أذله الله
ومن ذلك:
قد جعلوا آدابهم مغايظتي ... باللوم في سيدي لقد ظلموا
لو رحموني وأحسنوا رفقوا ... لكنهم من سوى ما رحموا
وإن قلت أولادكم بهم دنفي ... قالوا بقول المحال واتهموا
ولو رثوا إلي أكرموا ودعوا ... مودتي أنصفوا وما أثموا
وأتاني من عليه مت أسىٍ ... ومت على العذل فيه بي صمم
أشكو إلى الله أن في كبدي ... وفي فؤادي من هجره ألم
حرم وصلي من غير ما سببٍ ... ودمع عيني عليه ينسجم
لا وأخذ الله من أرق دمي ... ظلمًا وبغيًا كأنه الحكم
فهل رسول إليه يخبره ... حلفي محبيه وهو لي قسم
كم قائل قال إذ رأى دنفي ... هذا كئيب صبٍ به ألم
ومن ذلك:
يا من له وجهٌ كبدر التمام ... ومن حكاه الغصن عند القوام
أما ترى دمعي على وجنتي ... كأنه سلكٌ وهي من نظام
قد والذي تيم قلبي بكم ... صرت حديثًا لجميع الأنام
لا مثل لي يا قوم في لوعتي ... من قال لي مثل رمي بالحمام
هل لك في الهجر فما لي سوى ... رسول غير دمع سجام
يا من يرى لومي حلالًا أمط ... عني رعاك الله طول الملام
كم لائمٍ لام على غرة ... يظن وصلي من عظيم الأثام
ما دمت من وجدي ومن لوعتي ... يا من دعاه الله رزقي التمام
عبدك قد رق له صحبه ... يا من عليه قتل مثلي حرام
لا زلت في حفظ وفي نعمة ... لا بك ما بي من أليم الغرام
كن راحمي من سقمٍ دائم ... يا خير من يرجى لكشف السقام
ومن ذلك:
لجاجة الصب في الشكوى إلى السكن ... تزيد فيه طوال الهجر والحزن
كتمت والشر كتمان المحب لما ... يلقى وخير الهوى ما كان في العلن
وعادة الصبر للإنسان تكسبه ... عزا وترفعه عن ذلة المهن
يا طالب الخير دع لومي ومعتبتي ... على بكاي على الأطلال والدمن
جسمي عليه الضنى وقف فآهٍ على ... جسمي عليه الضنى باقٍ مع الزمن
أشكو إلى الله من أطال مدته ... بأنه نام عني ثم أرقني
يا من يحرم وصلي فيك من عذلي ... فإن ترك ملامي أعظم المنن
أعاذك الله من ضري ومن كمدي ... ومن ترادف ما ألقى من المحن
مالي رسول إليك اليوم أعلمه ... غير الخضوع وغير الأدمع الهتن
من قال أن الهوى يحلو لذائقه ... فعاش في معزلٍ عن جملة الفطن
ومن ذلك:
قال الحسود وقد رأى ... فرحي بإقبال الرسول
هذا رسول الحب قد وا ... فاك يخبر بالرحيل
فأحببته والله قد أنبأ ... ت بالخطب الجليل
لما رأى وصلي حرامًا ... زدت في طول الذهول
لا وأخذ الله العذو ... ل فلست أركن للعذول
ماذا عليه لو رثى ... لمتيمٍ صبٍ عليل
يا قوم ذبوا عن كئيبٍ ... مدنفٍ صبٍ نحيل
يخفي هواي عن الورى ... خوف العذول المستطيل
ويلاه من إعراضكم ... عن صاحب الجسم النحيل
يا قوم ما بالي ألام ... إذا أطلت من العويل
1 / 19
وعواذلي لاموا على ... صبري على الذل الطويل
ناديتهم ما بالكم ... تنهون عن فعل الجميل
ومن ذلك:
عليه معولي يوم الأنام ... وليس يحلف من فعل الأثام
دموعي أثرها في صحن خدٍ ... تخدده بطول الانسجام
أعاذل فليرض قلبي غرام ... فلست أحيد عن حكم الغرام
ملامك نعمة لا شك فيها ... فزدني ما استطعت من الملام
علام تلومني فيمن عليه ... ملام المستهام من الحرام
فدع لومي رعاك الله أو لم ... ودم واعدل وزدني في الدوام
فما في الأرض أشقى من كئيبٍ ... جفاه الحب من غير احترام
فلي قلبٌ عليه الضر وقف ... ولي طرفٌ جفا طيب المقام
ولي جسمٌ يراه الله نضوا ... به الأمثال تضرب في السقام
ولي مولى يرى وصلي حرامًا ... ووصل الصب من شيم الكرام
تعالى الله خالقه هلالًا ... على غصنٍ بديعٍ في القوام
عجبت وقد أتى منه رسول ... فأولى ما بداني بالسلام
وقال يقول كن صبًا رقيقًا ... لقلبك لا تذوب من الهيام
ومن ذلك:
لقد قال لي من تاه حسنًا على البدر ... ودمعي دمًا يجري على الخد والنحر
أتاني رسولٌ منك يحلف جاهدًا ... بأنك قد ترعى النجوم إلى الفجر
فقلت له الله أن بمهجتي ... لجمر الغضا لا بل أحر من الجمر
فيا من يرى وصلي عليه محرمًا ... وما في وصال الهائم الصب من ورد
خف الله في قتلي عليك مذلة ... وما لك في قتل المتيم من أجر
أجر هائمًا صبًا عليه مذلة ... يبيت ومنه القلب في أوثق الأسر
فأهل الهوى قد ألبسوا كل ذلة ... وأطهر أهل الحب من باء بالخسر
ويعجبهم سود الثياب لحربهم ... فذكر وهو في الناس من أطيب الذكر
ثياب البياض اليوم عار فإنها ... حرام على أهل التقاطر والهجر
لقد مات أهل العشق صبرًا وكفنوا ... فلا تسكنوا أمواتكم ساحة القبر
لقد ضاقت الدنيا علي برحبها ... وما لي فيها من خلاصٍ إلى الحشر
ومن ذلك:
بعد خمسٍ للبين شاع خيالي ... في الورى من معذبي بالمطال
بت من أسعد البرية جدا ... إذ حباني منه لطيف الخيال
قلت وصل المتيمين من الفطر ... فارغب يا سيدي في الوصال
قال لي بعد تقليم أظفا ... رك فاصبر والصبر زين الرجال
قلت غير الأظفار تعني بهذا ... أنت قاتلي كذا بالدلال
صادني سيدي وقص جناحي ... ورماني لشقوتي بالنبال
أيها الشارب للمدامة صرفا ... ريقك العذب لي كمثل الزلال
لك في ذلتي ونتف جناحي ... راحة يا معنفي بالهزال
أجميل بأن ألام على فيض ... دمعي يجري لغير سجال
ما احتيالي يا ابن الكرام وحظي ... هابط طول دهره في اشتغالي
هل زوال الرجا أو حلق أطما ... عي من الصبر غير زم الجمال
يا عذولي إني لمن أعجز العا ... لم رأيًا في هجر فرد الكمال
ويح طرفي فإنه قاد قلبي ... ودعاه إلى ورود الخيال
ختن القلب والختان طهور ... غير أن الفؤاد ليس بسال
ومن ذلك:
سأسكت يا مولاي عن طول شكواي ... حذارًا وخوفًا من شواتة أعداي
وما أنس لا أنس العذول وقوله ... سلوت ولا والله ما ذاك من رأي
أيجمل أن أصغي إلى قول عاذلٍ ... ونار الهوى تذكي بقلبي وأحشاي
فقد والنبي المصطفى ذبت حسرةً ... وأفنى الهوى صبري وأنحل أعضاي
على من يرى وصلي عليه محرمًا ... ومن ملني ظلمًا فأكثر بلواي
إلى الله أشكو من هو بغيتي ... ومن قربه فخري وديني ودنياي
يظن عليه الفخر ضربة لازبٍ ... وقد زاد في ذلي وبعدي وأقصاي
إذا كان صبري قد نأى وتجلدي ... فإن غرامي سيدي ليس بالناي
ولم يتختم في اليمين معذبي ... ويظهره ألا ليكثر من داي
فيا عاذلي في حب من أنا عبده ... دع العذول بالرحمن في حب مولاي
وقد رابني من لحاني يمينه ... بأن سلوي عنه أكبر أدواي
ومن ذلك:
قال المعنف لي حين طال تدللي ... ومدامعي تجري بسحٍ مسيل
1 / 20