الفصل الثاني دراسة بعض مسائله
فتنة القول بخلق القرآن:
لا بد -وقبل الكلام على مسألة خلق القرآن واختلاف الناس فيها، وبيان القول السديد المعتمد على الأدلة النقلية والعقلية- من الكلام على بدعة القول بخلق القرآن، وبيان وقت ظهورها، ومن تزعمها، وما لاقاه الأئمة في سبيل إخمادها، وتجليتها على ضوء نصوص الكتاب والسنة، لا سيما وهذه أمور كثيرًا ما يتطرق إليها الشيخ ﵀ في ثنايا هذا الكتاب، وأثناء مناقشته الخصوم.
لذا رأيت أن أتكلم عنها، ولو بشيء من الاختصار فأقول:
بدعة القول بخلق القرآن أولى من أظهرها في الإسلام -كما أوضحه الشيخ (١) وغيره: الجعد بن درهم (٢) (ت ١٢٤ هـ).
فقد نقل أبو القاسم اللالكائي (٣) عن عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: "سمعت أبي يقول: أول من أتى بخلق القرآن جعد بن درهم، وقاله سنة نيف وعشرين ومائة".
ولما اشتهر أمره في المسلمين طلبه خالد بن عبد الله القسري (٤) -وكان أميرًا على العراق- حتى ظفر به، فخطب الناس يوم الأضحى وقال في خطبته: "أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مضح بالجعد بن
_________
(١) انظر: ص: ٢٧١ من هذا الكتاب- قسم التحقيق. ومجموع الفتاوى- ١٢/ ٣٥٠.
(٢) ستأتي ترجمته في قسم التحقيق من هذا الكتاب.
(٣) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة- ٣/ ٣٨٢.
(٤) ستأتي ترجمته في قسم التحقيق من هذا الكتاب.
1 / 73