144

تبیان در اعراب قرآن

التبيان في إعراب القرآن

ویرایشگر

علي محمد البجاوي

ناشر

عيسى البابي الحلبي وشركاه

قَالَ تَعَالَى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧»
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَيْسَ الْبِرَّ): يُقْرَأُ بِرَفْعِ الرَّاءِ فَيَكُونُ: أَنْ تُوَلُّوا خَبَرَ لَيْسَ، وَقَوِيَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ تَقْدِيمُ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَفْعُولِ.
وَيُقْرَأُ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ لَيْسَ، وَأَنْ تُوَلُّوا اسْمَهَا، وَقَوِيَ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ قَرَأَ بِهِ ; لِأَنَّ (أَنْ تُوَلُّوا) أَعْرَفُ مِنَ الْبِرِّ، إِذْ كَانَ كَالْمُضْمَرِ فِي أَنَّهُ لَا يُوصَفُ، وَالْبِرُّ يُوصَفُ، وَمِنْ هُنَا قَوِيَتِ الْقِرَاءَةُ بِالنَّصْبِ فِي قَوْلِهِ: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ) .
(قِبَلَ الْمَشْرِقِ): ظَرْفٌ. وَلَكِنَّ الْبِرَّ يُقْرَأُ بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَنَصْبِ الْبِرِّ، وَبِتَخْفِيفِ النُّونِ وَرَفْعِ الْبِرِّ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَفِي التَّقْدِيرِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْبِرَّ هُنَا اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ بَرَّ يَبِرُّ، وَأَصْلُهُ بَرِرَ مِثْلُ فَطِنَ، فَنُقِلَتْ كَسْرَةُ الرَّاءِ إِلَى الْبَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا وُصِفَ بِهِ، مِثْلُ عَدْلٍ، فَصَارَ كَالْجُثَّةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَلَكِنَّ ذَا الْبِرِّ مَنْ آمَنَ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَلَكِنَّ الْبِرَّ بِرُّ مَنْ آمَنَ لِحَذْفِ الْمُضَافِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْبِرَّ مَصْدَرٌ وَمَنْ آمَنَ جُثَّةٌ فَالْخَبَرُ غَيْرُ الْمُبْتَدَأِ فِي الْمَعْنَى فَيُقَدَّرُ مَا يَصِيرُ بِهِ الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ.

1 / 143