انضم إليه الإلف عسر النزوع عنه والخروج منه، فإن بلية الإلف ليست بدون بلية العشق، بل لو قال قائل إنه أوكد وأبلغ منه لم يكن مخطئا، ومتى قصرت مدة العشق وقل فيه لقاء المحبوب كان أحرى أن لا يخالطه ويعاونه الإلف. والواجب في حكم العقل من هذا الباب أيضا المبادرة في منع النفس وزمها عن العشق قبل وقوعها فيه، وفطمها منه إذا وقعت قبل استحكامه فيها. وهذه الحجة يقال إن فلاطن الحكيم احتج بها على تلميذ له بلى بحب جارية فأخل بمركزه من مجلس مدارس فلاطن. فأمر أن يطلب ويؤتى به، فلما مثل بين يديه قال أخبرني يا فلان هل تشك في انه
لا بد لك من مفارقة حبتك هذه يوما ما؟ قال ما أشك في ذلك. فقال له فلاطن فاجعل تلك المرارة المتجرعة في ذلك اليوم في هذا اليوم، قال ما أشك في ذلك. فقال له فلاطن فاجعل تلك المرارة المتجرعة في ذلك اليوم، وأزح ما بينهما من خوف المنتظر الباقي بحاله الذي لابد من مجيئه وصعوبة معالجة ذلك بعد الاستحكام وانضمام الإلف إليه وعضده له. فيقال إن التلميذ قال لفلاطن إن ما تقول أيها السيد الحكيم حق، لكني أجد انتظاري له سلوة بمرور الأيام عني أخف علي. فقال له فلاطن وكيف وثقت بسلوة الأيام ولم تخف إلفها، ولم أمنت أن تأتيك الحالة المفرقة قبل السلوة وبعد الاستحكام، فتشتد بك الغصة وتتضاعف عليك المرارة. فيقال إن ذلك الرجل سجد في تلك الساعة لفلاطن وشكره ودعا له وأثنى عليه، ولم يعاود شيئا مما كان فيه ولم يظهر منه حزن ولا شوق، ولم يزل بعد ذلك لازما لمجالس فلاطن غير مخل بها بتة. ويقال إن
صفحه ۴۱