طب نبوی ابن طولون
الطب النبوي لابن طولون
ژانرها
قال ابن القيم: وأما هديه صلى الله عليه وسلم في الشراب فمن أكمل هديه تحفظ به الصحة فإن الماء إذا صفى وجمع الحلاوة والبرودة كان من أنفع شيء للبدن ومن آكد أسباب حفظ الصحة والأرواح والقوى والكبد, وللقلب عشق شديد له, واستمداد منه, وكان فيه لوصفان: حصلت به التغذية وتنفيذ الطعام إلى الأعضاء وإيصاله إليها.
والماء البارد رطب يقمع الحرارة ويحفظ على البدن رطوباته الأصلية ويرد عليه بدل ما تحلل منه ويرفق الغذاء وينفذه في العروق, وإذا كان باردا أو خالطه ما يحليه كالعسل أو الزبيب أو التمر أو السكر - كان من أنفع ما يدخل البدن, وحفظ عليه صحته.
والماء الحار ينفخ ويفعل ضد هذه الأشياء.
والبائت أنفع من الذي يشرب وقت استقائه, فإن الماء البائت بمنزلة العجين الخمير, والذي يشرب لوقته بمنزلة الفطير وأيضا: فإن الأجزاء الترابية والأرضية تفارقه إذا بات.
والماء في القرب والشنان ألذ من الذي في آنية الفخار والأحجار وغيرهما, لأن في قرب الآدم لطيفة لما فيها: من المسام المنفتحة التي يرشح منها الماء.
وكان هديه صلى الله عليه وسلم الشرب قاعدا لأن في الشرب قائما آفات عديدة. منها : أنه لا يحصل به الري التام, ولا يستقر في المعدة حتى تقسمه الكبد على الأعضاء فينزل بسرعة وحدة إلى المعدة فيخشى منه أن يبرد حرارتها [ويشوشها] ويسرع النفوذ إلى أسافل البدن بغير تدريج وكل هذا يضر بالشارب.
وأما الشرب منبطحا فالأطباء تكاد تحرمه ويقولون: إنه يضر بالمعدة. كان من هديه أنه يشرب في ثلاثة أنفاس, وفي هذا الشرب حكمة جمة, وفوائد مهمة.
صفحه ۸۷