توجد نقطة أخيرة تتعلق باتجاه التداخلات؛ فإذا كانت هناك لغة مهيمنة لدى ثنائيي اللغة، فإن اتجاه التداخل يكون مباشرا؛ فتؤثر اللغة الأقوى على اللغة الأضعف، سواء أكان على نحو دائم (ربما في شكل لكنة)، أم مؤقتا (وهو ما أطلقنا عليه التداخلات المتغيرة). لكن إذا كانت للغتين الأهمية نفسها بنحو أو بآخر (على الأقل في الاستخدام اليومي)، فقد تحدث التداخلات في أي من الاتجاهين. يشتهر الباحث البريطاني فيفيان كوك بأبحاثه التي تظهر كيف يمكن أن تؤثر معرفة لغة ثانية واستخدامها على اللغة الأولى؛
13
فعندما تحدث التداخلات في الاتجاهين، قد يصرح بعض الأشخاص الثنائيي اللغة بأنهم لا يتقنون اللغتين جيدا، أو بأن كل لغة من لغاتهم تؤثر في الأخرى. تعبر إيفا هوفمان خير تعبير عن هذا في كتابها «فقد في الترجمة»، فتقول:
عندما أتحدث بالبولندية الآن، فإنها تكون غير نقية وتتخللها وتؤثر فيها الإنجليزية الموجودة في ذهني. فكل لغة تغير الأخرى، وتختلط بها وتنقحها؛ فكل لغة تجعل الأخرى تشبهها. وأنا مثل أي شخص آخر نتاج مجموع لغاتي.
14
أكدت في كثير من كتاباتي على ما أطلق عليه اسم «النظرة الثنائية اللغة أو الشمولية للثنائية اللغوية»، التي ترى أن الشخص الثنائي اللغة هو كل متكامل لا يمكن تقسيمه بسهولة إلى جزأين منفصلين.
15
فالشخص الثنائي اللغة لا يمثل مجموع شخصين (أو أكثر) كاملين أو غير كاملين من أحاديي اللغة، وإنما هو يمثل كيانا لغويا خاصا وفريدا. وينتج التعايش والتفاعل المستمر الذي يحدث بين اللغات الموجودة لدى الشخص الثنائي اللغة نظاما لغويا مختلفا لكنه متكامل.
16
وأشبه هذا بقافز الحواجز في ألعاب القوى الذي يجمع بين الكفاءتين؛ قفز حواجز عالية، والعدو، لكنه ليس عداء فقط ولا قافزا لحواجز عالية فقط.
صفحه نامشخص