4
قبل هذه المقابلات تعلموا كيفية توزيع لغات المشاركين على المجالات المختلفة، وقسموا هذه المجالات إلى فئتين لكل لغة: مجال قوي (المجال الذي تستخدم فيه اللغة)، ومجال ضعيف (الذي لا تستخدم فيه اللغة). بعد ذلك لاحظوا طريقة حديث المشاركين عن هذه المجالات. (في هذه المقابلات، كان المشاركون يعرفون أنهم كانوا يتحدثون إلى ثنائيي اللغة مثلهم، ومن ثم كانوا يستخدمون لغتهم الأخرى عند الحاجة.) وجد الباحثون أن هؤلاء المشاركين استخدموا لغتهم الأخرى من مرتين إلى خمس مرات أكثر عند الحديث عن مجال ضعيف، مقارنة بمجال قوي. ففي المجال الضعيف لم يكن لديهم ببساطة المفردات التي يحتاجون إليها للحديث بهذه اللغة وحدها؛ ومن ثم كانوا يستخدمون اللغة الأخرى؛ الأقوى. يظهر هذا مدى صعوبة الحديث إلى شخص ما باللغة «الخطأ»؛ تزداد الأمور سوءا عندما يكون هذا الشخص أحادي اللغة ولا يعرف اللغة المفضلة أكثر للمتحدث.
تعتبر السلوكيات المكتسبة حالات خاصة لمبدأ التكامل؛ نظرا لسيطرة لغة واحدة على السلوك ذي الصلة على نحو شبه حصري؛ على سبيل المثال: يقوم الفرد بإجراء عمليات العد والعمليات الحسابية الأخرى عادة باللغة التي تعلمها بها. كتب لي ذات مرة شخص ثلاثي اللغة في اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية قائلا:
يوجد نوع واحد فقط من الأنشطة أستخدم فيه دوما اللغة الفرنسية، وهو العمليات الحسابية الذهنية؛ فقد تعلمت علم الحساب بالفرنسية، وأجد أنني أتذكر جداول الضرب على أفضل نحو بهذه اللغة، وأستمر في استخدامها لهذا الغرض.
5
وقال شخص ثنائي اللغة في اللغتين الألزاسية والفرنسية:
أنا لا أعرف العد جيدا باللغة الألزاسية؛ فيجب علي التفكير في الأرقام فوق العشرين وخاصة التواريخ.
6
أنا أعرف ثنائيي اللغة يجرون العمليات الحسابية البسيطة بإحدى اللغات، وأكثر العمليات الرياضية تقدما بلغة أخرى؛ لأنهم غيروا لغة تعليمهم بين الاثنتين. الصلاة أيضا أحد المجالات المميزة التي ينطبق عليها مبدأ التكامل؛ فيستطيع معظم الأشخاص الثنائيي اللغة الصلاة بإحدى اللغات، لكنهم يواجهون صعوبة بالغة في فعل ذلك باستخدام لغة أخرى؛ لأنهم ببساطة لم يتعلموها بهذه اللغة. يمكن أن تمثل أرقام الهاتف أيضا مشكلة؛ فعندما كنت أعيش في الولايات المتحدة، كنت أعرف رقم هاتفي باللغة الإنجليزية فقط، وكنت أضطر إلى خوض عملية مضنية لتحويله إلى الفرنسية عندما كنت أريد إعطاءه بهذه اللغة (عند الحديث بالفرنسية مع ثنائيي اللغة في اللغتين الإنجليزية والفرنسية، كنت ببساطة أتحول إلى الإنجليزية عند إعطاء رقم هاتفي حتى لا أضطر إلى خوض مثل هذه العملية). والآن بعد عودتي إلى أوروبا، أصبح رقم هاتفي الحالي بالفرنسية في ذاكرتي ونسخته الإنجليزية ليست حاضرة في ذهني بالقدر نفسه.
يتعلق تأثير آخر لمبدأ التكامل بسيادة إحدى اللغات؛ فيلاحظ في مجال الثنائية اللغوية سيادة أو هيمنة إحدى اللغات لدى الأشخاص الثنائيي اللغة، بدلا من وجود «توازن» بين لغاتهم. على الرغم من أنه من الصعب تعريف مفهوم السيادة هذا (أي هل تعتمد على الطلاقة فقط، أم الطلاقة والاستخدام، أم على القدرة على القراءة والكتابة أيضا بهذه اللغة؟)، فإن معظم المتخصصين يركزون على الطلاقة؛ سواء أكانت الطلاقة الذاتية (التي يعبر عنها الأشخاص الثنائيو اللغة بأنفسهم)، أم الطلاقة الموضوعية (التي تقيمها أدوات التقييم).
صفحه نامشخص