سپس خورشید طلوع می کند

ثروت اباظه d. 1423 AH
92

سپس خورشید طلوع می کند

ثم تشرق الشمس

ژانرها

خرجت فايزة من عيادة الطبيب فرحة نشوانة، تشاركها في فرحتها أختها، وركبتا السيارة، وقبل أن يقودها جميل قال لوفية: اكتبي لها أنني أطالب بالحلاوة.

وكتبت لها ما أراد، فأخرجت فايزة قرش صاغ وأعطته إياه، فقال لوفية ضاحكا: اطلبي على الأقل ثمن تذاكر السينما التي ندخلها.

وكتبت وفية وغرق ثلاثتهم في ضحك سعيد هانئ، وسارت السيارة وخلت فايزة إلى نفسها، إلى عزلتها وقد أحست بهنائها، هنائها بكل شيء حتى بهذه العزلة، ففي ظلها وبسببها تستطيع أن تستمتع بفرحتها كاملة بلا صخب من الطريق ولا حديث من وفية أو جميل. كانت تحتمل صممها في صبر، ولكنها لم تر فيه نعمة إلا اليوم وفي هذه اللحظة، أحمدك يا رب، هل آن لي أن أسعد كما يسعد الآخرون؟ أأرى ابني فأسمع بأذنه وأفرح بفرحه وأبدأ به حياة جديدة من غير صمم ومن غير هذه الآلام التي أعانيها في حياتي القديمة؟ أحمدك يا رب، فإن أحدا في العالم لا يستطيع أن يقدر السعادة كما يقدرها من عرف الشقاء، وقد عرفته، ثم ها أنت ذا تهب لي حياة جديدة هي حياة ابني، فإذا أنا، وأنا وحدي أدري مدى هذه السعادة التي سكبتها علي بحياتي الجديدة فيه، فقد كانت حياتي يا رب شقاء، ولكنني الآن، الآن فقط أحمد هذا الشقاء الذي أحاط بي لأنني أستطيع به أن أدرك أي سعادة تحيط بي اليوم، ولا يستطيع الذين لم يروا شقائي أن يلتذوا السعادة كما ألتذها أنا الآن. فلك الشكر، سبحانك.

وكانت وفية تحذر جميلا طوال الطريق أن يسرع، وتحذره أن تهتز السيارة حتى قال جميل آخر الأمر: ما رأيك أوقف الآلة وأدفع أنا السيارة وتقودينها أنت، سنصل غدا ولكن لن نهتز. نعملها؟

وضحكت وفية ضحكة عالية حتى لقد طرحت رأسها إلى الخلف، ورأتها فايزة فأدركت أنها تضحك ضحكا عاليا، فقالت لها: ماذا بك؟

فكتبت لها وفية ما قاله زوجها، فغرقت في الضحك هي الأخرى.

وحين وصلت السيارة إلى باب البيت كتبت لها وفية: «انزلي أنت ولكن على مهلك، واصعدي السلم درجة درجة، واستريحي حتى نحضر لك الدواء ونعود.»

وابتسمت فايزة ودلفت إلى البيت. وحين بلغت الطابق الأعلى تذكرت أنها لن تجد أحدا إلا دولت، فقد كانت أمها مدعوة إلى الغداء خارج البيت مع أبيها، وكانت فايزة تعلم أن يسري بالشركة، ولكنها أصرت أن تخبره فورا، فقصدت إلى دولت لتجعلها تطلب يسري في الشركة ليأتي من توه.

بلغت فايزة حجرة دولت وفتحتها ثم جمدت لحظات، ثم أدركت أن الاثنين اللذين بالغرفة لم يرياها، فأقفلت الباب بهدوء محاذرة أن يند عنه صوت، وقصدت إلى حجرتها وألقت بنفسها إلى السرير وقد انطبق فكاها في إحكام، كأنها تمنع الصرخة التي تعربد في كيانها أن تنطلق، وتولاها حريق من العذاب، فعقلها لهيب ونفسها نيران وتفكيرها موقوف جامد وعيناها لا تريان إلا الصورة التي طالعتها من حجرة دولت، ورفعت فايزة يديها ووضعتهما على عينيها ثم تمتمت: أما زال هناك نوع من العذاب لم أعرفه يا رب؟

ثم وجدت نفسها تقول: لن يعرف أحد، لا، لن يعرف أحد، لن أجعل من نفسي سخرية ولا موضع شفقة بعد اليوم.

صفحه نامشخص