طوال السنوات المنصرمة كانت الرسائل مع بعض الاصدقاء متواصلة والاشواق متزايدة ، وقد توطدت علاقتي مع نخبة منهم ألحوا علي أن أزورهم ، فأعددت العدة ورتبت الامور للقيام برحلة طويلة تستغرق عطلة الصيف التي تدوم ثلاثة أشهر ، وكان التخطيط يمر بليبيا عن طريق البر ثم إلى مصر ومنها إلى لبنان عبر البحر ثم إلى سوريا والاردن فالسعودية ، وهي المقصودة لاداء العمرة وتجديد العهد مع الوهابية التي روجت لها كثيرا في أوساط الشباب الطالبي وفي المساجد التي يكثر فيها الاخوان المسلمون .
وتعدت شهرتي حدود مدينتي إلى مدن أخرى مجاورة ، فقد يمر المسافر فيصلي الجمعة ويحضر تلك الدروس ويتحدث بها في مجتمعه ، ووصل الحديث إلى
( 17 )
الشيخ إسماعيل الهادفي صاحب الطريقة الصوفية المعروفة بمدينة توزر عاصمة الجريد ، ومسقط رأس أبي القاسم الشابي الشاعر المعروف .
وهذا الشيخ له أتباع ومريدون في كامل الجمهورية التونسية وخارجها في الاوساط العمالية بفرنسا وألمانيا .
وجاءتني منه دعوة لزيارته ، عن طريق وكلائه في قفصة الذين كتبوا إلي رسالة طويلة يشكرونني فيها على ما أقوم به لخدمة الاسلام والمسلمين ويدعون أن ذلك لا يقربني من الله قيد أنملة ما لم يكن عن طريق شيخ عارف ، وعلى الحديث المشهور عندهم «من لم يكن له شيخ فشيخه الشيطان» ويقولون أيضا : «لا بد لك من شيخ يريك شخوصها وإلا فنصف العلم عندك ناقص» وبشروني بأن «صاحب الزمان» ويقصدون به الشيخ إسماعيل قد اصطفاني من بين الناس لاكون من خاصة الخاصة .
صفحه ۱۲