Thematic Interpretation 2 - Al-Madinah University
التفسير الموضوعي ٢ - جامعة المدينة
ناشر
جامعة المدينة العالمية
ژانرها
الموضع السادس: وهو في سورة "التغابن" في قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (التغابن: ١٤) فماذا نرى في هذه الآيات الكريمة نرى أن الله ﷾ يُنادي المؤمنين، يحذّرهم من فتنة الأزواج والأولاد؛ لأن الإنسان بطبيعته مشدودٌ إلى زوجته وأبنائه، وقد يَدْعُه هذا إلى أن يرتكب ما حرم الله، وأن يكتسب لهم من المال الحرام، فالله ﷾ نبَّه إلى هذا، وبيَّن أن الإنسان عليه أن يحذر هذا الأمر، بل إن هذه الآية نزلت في هؤلاء الذين منعهم أبناؤهم وأزواجهم من الهجرة مع رسول الله ﷺ فلما هاجروا ووجدوا ما وصل إليه الذين هاجروا من قبلهم من خير ومن علم ومن إحاطة بالقرآن الكريم، ومن حضور المشاهد مع رسول الله ﷺ في غزواته حزنوا لذلك، وانقلبوا إلى أبنائهم وأزواجهم يلومونهم فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾.
ولكن هذا الذي حدث ليس فيه ما يدعو إلى أن يُعَاقب هؤلاء، وإنما على هؤلاء الأزواج وهؤلاء الآباء أن يعفوا وأن يصفحوا عما كان من هؤلاء، وأن يغفروا لهم خطأهم؛ إذ كانوا سببًا في عدم إسراعهم في اللحاق برسول الله ﷺ قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لكم ولهم، هذا إذا هو العفو وهو الصفح كما جاء في كتاب الله ﷿.
أيضًا كلمة العفو وردت في كتاب الله وصفًا لله تعالى، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾، ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ﴾، ﴿وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ عفو الله عنك كما جاءت وصفًّا للمؤمنين: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾، ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾،
1 / 34