The World of the Righteous Angels
عالم الملائكة الأبرار
ناشر
مكتبة الفلاح
شماره نسخه
الثالثة
سال انتشار
١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م
محل انتشار
الكويت
ژانرها
وما درى هذا المسكين أن مثله كمثل بعوضة، تحاول أن تقيس سرعة الطائرة بمقياسها الخاص، لو تفكر في الأمر، لعلم أن عالم الملائكة له مقاييس تختلف تمامًا عن مقاييسنا نحن البشر.
ولقد ضلّ في هذا المجال مشركو العرب الذين كانوا يزعمون أن الملائكة إناث، واختلطت هذه المقولة المجافية للحقيقة عندهم بخرافة أعظم وأكبر؛ إذ زعموا أن هؤلاء الإناث بنات الله.
وناقشهم القرآن في هاتين القضيتين، فبين أنهم - فيما ذهبوا إليه - لم يعتمدوا على دليل صحيح، وأن هذا القول قول متهافت، ومن عجب أنهم ينسبون لله البنات، وهم يكرهون البنات، وعندما يبشر أحدهم أنه رزق بنتًا يظل وجهه مسودًا وهو كظيم، وقد يتوارى من الناس خجلًا من سوء ما بُشر به، وقد يتعدى هذا المأفون طوره، فيدس هذه المولودة في التراب، ومع ذلك كله ينسبون لله الولد، ويزعمون أنهم إناث، وهكذا تنشأ الخرافة، وتتفرع في عقول الذين لا يتصلون بالنور الإلهي.
استمع إلى الآيات التالية تحكي هذه الخرافة وتناقش أصحابها: (فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون - أم خلقنا الملائكة إناثًا وهم شاهدون - ألا أنهم من إفكهم ليقولون - ولد الله وإنَّهم لكاذبون - أَصْطَفَى البنات على البنين - ما لكم كيف تحكمون - أفلا تذكرون - أم لكم سلطانٌ مبينٌ) [الصافات: ١٤٩-١٥٦] .
وقد جعل الله قولهم هذا شهادة سيحاسبهم عليها، فإن من أعظم الذنوب القول على الله بغير علم: (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرَّحمن إناثًا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون) [الزخرف: ١٩] (١) .
_________
(١) ومن هنا يجب أن يحذر المسلم في أن يتقول في مثل هذه الأمور بلا علم، فهؤلاء الذين يزعمون أن أصل الإنسان حيوان: قرد، أو غيره، يقال لهم القول نفسه: (أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم)، والله يقول: (ما أشهدتهم خلق السَّماوات والأرض ولا خلق أنفسهم) [الكهف: ٥١] .
1 / 14