46

The Varieties of Categorization Related to the Interpretation of the Holy Quran

أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن الكريم

ناشر

دار ابن الجوزي

شماره نسخه

الثالثة

سال انتشار

١٤٣٤ هـ

ژانرها

تأمَّلتَ الكلامَ العربيَّ، رأيتَ كثيرًا منه واردًا على المعنى لوضوحِه، فلو وردَ على قياسِ اللَّفظِ مع وضوحِ المعنى لكانَ عِيًّا. وبهذه القاعدةِ تزولُ عنك إشكالاتٌ كثيرةٌ، ولا تحتاج إلى تكلُّفِ التَّقديراتِ التي إنَّما عدلَ عنها المتكلمُ لما في ذكرِها من التَّكلفِ، فقدَّر المتكلّفون لنطقهِ ما فَرَّ منه، وألزمُوه بما رَغِب عنه، وهذا كثيرٌ في تقديراتِ النُّحاةِ التي لا تخطرُ ببال المتكلِّمِ أصلًا، ولا تقعُ في تراكيبِ الفصحاءِ، ولو سَمِعُوها لاستهجنوها، وسنعقُد إنْ شاءَ اللهُ تعالى لهذا فصلًا مستقلًا» (١). * ولقد كان في التَّوجُّهِ للنَّصِّ القرآنيِّ مجالٌ لبعضِهم في ذكر أصولِ مذاهبِهم وآرائهم النحويَّةِ، ومن أدلِّ الدليلِ على ذلكَ ما تراه في كتبِ معاني القرآنِ، للفراء (ت: ٢٠٧)، وللأخفش (ت: ٢١٥)، فالأوَّلُ بنى كتابَه على نحو أهلِ الكوفةِ، فبيَّنَ أصولَهم في كتابِه هذا، حتى كاد يخرُج من كونِه بيانًا للمعاني إلى كونِه كتابًا في النَّحوِ الكوفيِّ. وأمَّا الثاني، وهو بصريٌّ، فقد أرادَ أن يُبيِّنَ آراءه النَّحويَّةَ التي يتبنَّاها، وقد تكونُ مخالفةً لأصحابِه البصريِّينَ، فعمِلَ كتابَه هذا بعد انتشارِ كتاب سِيبَويه (ت: ١٧٠) الذي استحسنه النَّاس وكَلِفُوا به (٢)، ولكي يَنفُقَ كتابه، كان التَّوجُّه للقرآنِ، وكانَ هذا أولى ما يخلِّدُ به العالمُ مذهبَه، فكان ذلك من الأخفشِ (ت: ٢١٥)، واللهُ أعلمُ (٣).

(١) بدائع الفوائد (٣:٥٧٩). (٢) أي: أولعوا به. ينظر: مادة (كلف) من القاموس المحيط. (٣) هذا التحليلُ المذكور عن الأخفش استفدته من مقدمة الدكتورة هدى قراعة في تحقيقها لكتاب معاني القرآن، للأخفش (١:٢٥ - ٢٦).

1 / 48